التحسين بالطرق والفرق بين الترجيح العلمي والرسمي.
أ.د فضل مراد
التحسين بالطرق والفرق بين الترجيح العلمي والرسمي.
أ.د. فضل بن عبد الله مراد
…………..
مما توسع فيه المعاصرون بل وبالغوا التحسين والتصحيح بجمع الطرق …
وهذا والله خروج عن طريق أهل النقد وهذه كتب الاسلام ودواوينه ملأت الهاج والداج على ظهر البسيطة
البخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد والمصنفان والدارمي ومالك وابو يعلى وابن خزيمة وابن حبان . وما في المطالب العالية من زوئد المسانيد الثمانية وليس فيها زيادة على ما تقدم سوى 7 أحاديث صحيحة كما قال أحد الباحثين.
فهذه كتب الاسلام فهل تجدهم قالوا حسن لغيره لأن له طريقا وجدتها في كذا وأخرى في كذا وكلها ضعيفة لكنها ترتقي إلى الحسن أو الصحة ..
هل تجد هذا السبيل في تدوينهم السنة.
أقول لم أجد ولن يجد أحد.
سوى ما ندر جدا في كلمات لأحمد في تقوية بعض الحديث
أما منهجهم فهذه كتب الاسلام بين يديك فتش ما تشاء هل تجد ما فعله المعلقون والمصححون في عصرنا
ومن باب الذكر … أفضل كتاب صنف في عصرنا التي جمعت السنة زمن الرواية هو المسند المصنف المعلل
الدكتور بشار عواد معروف
السيد أبو المعاطي النوري
محمد مهدي المسلمي
أحمد عبد الرزاق عيد
أيمن إبراهيم الزاملي
محمود محمد خليل
……………
متى يصحح بالطرق والشواهد؟
وهذا سؤال مهم تتبعته طويلا حتى وجدت الجواب عليه
فقد وجدت لجوء الحفاظ إلى المتابعات في أحاديث الثقات الصحيحة التي يحصل فيها خلاف بين الثقات وزياداتهم.
فالبخاري رجح زيادة من المسلمين بالمتابعات، ورجح كذلك وتوضئي لكل صلاة ورجح زيادة معمر أنه صلى على ماعز بعد رجمه
وذلك لشواهد عنده من حديث عبد الرزاق نفسه وقد نبه الحافظ على هذا.
إذا هذه هي التي يعضدون فيها بالشواهد والمتابعات وهو زيادات الثقات
وهذا ما عرفته بالتتبع وقد ذكرت ذلك في خارطة النظر الفقهي سؤال الثبوت
وذكرت هناك 65 قاعدة حاكمة لمن أراد الرسوخ في علم الحديث. وعلقت عليها باختصار .. وسأفرد لها مصنفا مستقلا في مجلد بإذن الله.
أين يعمل بالاحاديث الضعيفة التي صححت بالطرق يعمل بها؟
أقول وهذا سؤال مهم
ومن خلال التتبع والبحث وصلت إلى أن التصحيح بهذه الطريقة التي انتهجها المعاصرون
لا يعمل بها في أصول العقائد والأحكام ولا فيما شجر بين الصحابة ولا في نقل المثالب عنهم لأنه بذلك يعارض عموم نصوص القرآن والأحاديث القاطعة في تزكيتهم،
لكن يجوز العمل بما حسن بواسطة الطرق في فضائل الاعمال لأنها من الضعيف المنجبر…
هذا ما وصلت إليه.
ووجدت جناية هذا العمل في الطعن على الصحابة ومخالفة ظواهر القرآن وقواطع الشريعة,
لأن المعاصرين والكثير من المتأخرين ينظرون إلى السند فقط بلا نظر للاسناد ونكارته وشذوذه
ولذلك صحح الشيخ الالباني حديث نزول آية ( إن جاءكم فاسق ) في الوليد بن عقبة بن أبي معيط
وصحح للأسف حديثا منكرا آخر شاذا وهو أن أباه لما قتله النبي صىل الله عليه وسلم قال لمن للصبية يا محمد قال لهم النار.
بالله عليكم وما شأن الصبية وهذا مخالف لأصول الشريعة وقواطعها
وصححها رغم جهالة الاسناد ورغم تنبيه الحفاظ أن الشاهد الذي جاء به كان راويه يدخل في الاحاديث ما ليس منها وهو طعن مفسر لم يتنبه له الالباني
والوليد بن عقبة ولاه الخلفاء الثلاثة ابو بكر وعمر وعثمان
فكيف يلون فاسقا منصوصا عليه
وقد دافع العلامة ابن الوزير عنه وعن الصحابة في رده على شيخه في العواصم
ودافع العلامة الخطيب في تحقيقه للعواصم لابن العربي فراجعه
وقد تكلمت عن هذا بتفصيل في مقال
سابق بعنوان
ثلاثة عشر أصلا من القرآن في التعامل مع الصحابة
فراجعه .
ومن شروط التصحيح النظر في المتن والاسناد
وهذه الثنائية اختفت في التصحيح والتحسين المعاصر
وقد صحح بعض المعاصرين لعن الحكم وذريته مع تصريح الذهبي والحافظ وغيرهما أن هذا المتن منكر
وهي عبارة شديدة ومعنى ذلك أنه مخالف لقواطع الشريعة وللواقع حيث أن أولاد مروان منهم عمر بن عبد العزيز وغيره من الخلفاء الذي مكنوا لدين الله مشرقا ومغربا.
ولعل الله ييسر إفراد كتاب مستقل في ذلك بحوله وقوته فقد جمعت مادته في زهاء مجلد متوسط .
قال ابن كثير وهو يتحدث عنهم : قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (9/ 93): “فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه، وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو، الصالحون والأولياء والعلماء، من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة، ينصر الله بهم دينه، فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الشرك، يقتل ويسبي، ويغنم، حتى وصل إلى تخوم الصين، وأرسل إلى ملكه يدعوه، فخاف منه، وأرسل له الهدايا، وتحفا، وأموالا كثيرة، هدية، وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده، بحيث إن ملوك تلك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفا منه.
ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها، فلما مات الحجاج رجع الجيش كما مر، ثم إن قتيبة قتل بعد ذلك، قتله بعض المسلمين، ومسلمة بن عبد الملك بن مروان، وابن أمير المؤمنين الوليد، وأخوه الآخر، يفتحون في بلاد الروم ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا القسطنطينية، وبني بها مسلمة جامعا يعبد الله فيه، وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعبا.
ومحمد بن القاسم بن أخي الحجاج يجاهد في بلاد الهند، ويفتح مدنها في طائفة من جيش العراق وغيرهم.
وموسى بن نصير يجاهد في بلاد المغرب، ويفتح مدنها وأقاليمها في جيوش الديار المصرية وغيرهم، وكل هذه النواحي إنما دخل أهلها في الإسلام، وتركوا عبادة الأوثان.
وقبل ذلك قد كان الصحابة في زمن عمر، وعثمان فتحوا غالب هذه النواحي، ودخلوا في مبانيها بعد هذه الأقاليم الكبار، مثل الشام، ومصر والعراق، واليمن وأوائل بلاد الترك إلى ما وراء النهر وأوائل بلاد المغرب، وأوائل بلاد الهند، فكان سوق الجهاد قائما في القرن الأول من بعد الهجرة، إلى انقضاء دولة بني أمية، وفي = = أثناء خلافة بني العباس مثل أيام المنصور وأولاده، والرشيد وأولاده، في بلاد الروم والترك والهند.
وفتح محمود بن سبكتكين وولده في أيام ملكهم بلادا كثيرة من بلاد الهند.
ولما دخل طائفة ممن هرب من بني أمية إلى بلاد المغرب وتملكوها، أقاموا سوق الجهاد في الفرنج بها، ثم لما بطل الجهاد من هذه المواضع رجع العدو إليها، فأخذو منها بلادا كثيرة وضعف الإسلام فيها”. اهـ.
……………………………..
النتيجة:
والحاصل أن ما حسنه المحدثون المعتبرون المعاصرون بالمتابعات والشواهد الضعيفة يعتبر صالحا في فضائل الاعمال.
هذا ما وصلت إليه بعد بحث طويل زمانا
وقولنا المعتبرون خرج به طلاب الحديث وصغار المحدثين وما أكثرهم
فهؤلاء لا عبرة بقولهم أصلا
وكذلك المحدثون الذين لا صلة لهم بالفقه وعلمه لا يقبل قولهم في تحسين وتصحيح المنكرات
لذلك كان المحدثون فقهاء وانظر إلى أحمد والثوري وعلي والبخاري ومالك وابن المبارك وعبد الرزاق والزهري والشعبي والاوزاعي والحسن وعطاء وعكرمة ومجاهد وسعيد بن المسيب والنخعي وغيرهم ممن لا يحصون ينقل قولهم
لا تجد أحدا من المحدثين إلا عالما بالفقه والخلاف ومسائله
فجميع نقلة السنة
كانوا فقهاء
لذلك حفظ الله بهم السنة
فلما عزل الفقه عن الحديث عند المتأخرين حصل ما حصل من الزلل
الترجيح الرسمي والترجيح العلمي:
……………….
يوجد كذلك في الفقه
في زمننا من يرجح
مثل ترجيحات طلاب الماستر والدكتوراه في رسائلهم في المسائل الفقهية والنوازل
فإنها غير معتبرة لعدم الأهلية وشروط الترجيح
إلا من كان عالما قبل رسالته هذه
ومن الخطأ أن البعض ينقل أن الباحث الفلاني في رسالته الدكتوراه رجح كذا في أخطر المسائل المالية والطبية المعاصرة
ويعده خلافا وينقله مع أقوال الفحول المجتهدين وهذا خارج عن النظر وخلاف ما نص عليه علماء الأصول والفقه في الاجتهاد.
وشروطه والترجيح .
والخلاصة أن الترجيح من طلبة الماستر والدكتوراه في رسائلهم
إن كان من عالم مؤهل قبل
وإلا فهو ترجيح رسمي لا علمي
هكذا أسميه لأن الترجيح العلمي ما كان لعالم نظار مؤهل
أما الرسمي فهو الاكاديمي الذي هدفه التدريب للطالب
أو يكون مطلوبا من الدكتور في بحث الترقيات
وهو أصلا يرجح ولو لم يكن مقتنعا لكنه مطلوب في بحثه المحكم لينشر
فهذا نسميه الترجيح الرسمي لا العلمي.
ويقبل من مؤهل عالم لا من غيره
وفقه الله الجميع لما يحب ويرضى وليس المقصود الذم بل وضع كل في محله ومعياره حتى لا تختلط الأمور على الناس.
والله المستعان.
