تحقيق علمي لحديث عمار تقتله الفئة الباغية، وبيان طعن ابن سيرين فيه وتعليل البخاري ورفضه له وتضعيف أحمد لجميع طرقه 28 بالنص، وتضعيف ابن معين، وابن أبي خيثمة والحافظ المعيطي وغيرهم، وبيان عظمة ودقة البخاري في علم الحديث وعلله.
أ.د فضل مراد
تحقيق علمي لحديث عمار تقتله الفئة الباغية، وبيان طعن ابن سيرين فيه وتعليل البخاري ورفضه له وتضعيف أحمد لجميع طرقه 28 بالنص، وتضعيف ابن معين، وابن أبي خيثمة والحافظ المعيطي وغيرهم، وبيان عظمة ودقة البخاري في علم الحديث وعلله.
أ.د. فضل بن عبد الله مراد
……………..
أقسام الأحاديث التي بني عليها الصراع والاستحقاقات وهذه الاستحقاقات السياسية والحكم والمال والكرسي التي ليس لها أصل من كتاب ولا سنة
وتحقيق حديث عمار تقتله الفئة الباغية.
ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مكذوب وهي 300 ألف حديث وضعتها الشيعة ذكر ذلك الخليلي قال ابن القيم «المنار المنيف في الصحيح والضعيف» (ص116): قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب (الإرشاد) وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مئة ألف حديث.
ولا تستبعد هذا فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال انتهى.
القسم الثاني :ما نقده الحفاظ المتقدمون وقولهم هو المعتمد
كحديث كلاب الحوأب المنكر الذي سبق وبيناه
القسم الثالث: ما صرح النقاد القدامي بضعف جميع طرقه ال 28 كحديث عمار تقتله الفئة الباغية نص أحمد
وسأنقل لك هذا الخلاف:
والهدف من هذا النقل أن يطلع الناس على أن ما سمعوه من الاحاديث أوهمتهم الفرق أنها محل إجماع
فهذه المنشورات البحثية التي تنقل كل الأقوال تنسف هذا الوهم
وتبين الحق والخلاف والنقد
حتي يتبين أنه لا أصل ثابت بنت عليه تلك الفرق ..
لا من جهة الرواية ولا من جهة الدراية
أما الرواية فقد تبين لك أن أحسنها ما شكك في ثبوته الأقدمون من المحدثين، ووقع بينهم خلاف.
فكيف تبنى الأصول الكبرى على مشكوك في ثبوته.
من الحكم والمال والجاه والأفضلية.
أما دراية فلا يوجد دليل واحد يعطي أحدا معينا استحقاقا سياسيا أو سلطة أو كرسيا
لا من كتاب ولا سنة صحيحة ثابتة صريحة.
تنص على أن فلانا هو الخليفة والحاكم وأولاده من بعده أو من البطن الفلانية أو من البطنين.
فلا يوجد لهذا حرف واحد من كتاب ولا سنة.
وسأبين لك الآن حديث الفئة الباغية ومن ضعفه من الحفاظ كالبخاري وأحمد وابن معين وغيرهم.
ومن صححه كذلك كمسلم ومن تبعه بكل أمانة.
ولا عبرة بقول الحاكم في هذا الباب فهو يصحح المكذوبات في الشيعة كما سيأتي في منشور.
وإنما ذكرنا معارضة مسلم للحفاظ لأن الأمانة تقتضي ذلك وليتبين الراجح أين من ذلك.
فأقول:
_ حديث عمار تقتله الفئة الباغية
أولا: بيان رفض البخاري لهذه الزيادة وإعلاله لها.
أخرج البخاري الجزء الصحيح منه وهو : «”ويح عمار، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار”، قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.» «صحيح البخاري» (1/ 491):
هكذا رواه البخاري في نسخه المحفوظة
وقد تتابع الحفاظ على بيان ذلك
فقد بين الحميدي وغيره من الحفاظ وحقق الحافظ ابن حجر ذلك
فجاء نساخ فحاولوا إدخال جملة: تقتله الفئة الباغية في أصل حديث البخاري
لكن ما كان هذا أن يمر على أهل الحديث.
وقد تتابع الحفاظ على بيان ذلك منهم المهلب في تلخيصه للصحيح
ومنهم ابن بطال في شرحه
ومنهم البيهقي حيث قال «دلائل النبوة – البيهقي» (2/ 546):
ورواه البخاري في الصحيح، عن مسدد، عن عبد العزيز، إلا إنه لم يذكر قوله «تقتله الفئة الباغية» [ (2) ] .
«دلائل النبوة – البيهقي» (2/ 548):
«وكأنه إنما تركها لمخالفة أبي نضرة عن أبي سعيد عكرمة في ذلك»
وكذلك البوصيري: قال «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (8/ 13): رواه أبو داود الطيالسي ومسدد واللفظ له، وأحمد بن حنبل، وهو في الصحيح وبغير هذا اللفظ.»
إنكار ابن الاثير للزيادة وأن هناك من حاول إدخالها في البخاري قال الحافظ ابن الأثير : «جامع الأصول» (9/ 45):
قلت أنا: والذي قرأته في كتاب البخاري – من طريق أبي الوقت عبد الأول السِّجْزي رحمه الله من النسخة التي قرئت عليه، عليها خَطُّه: أمَّا في متن الكتاب، فبحذف الزيادة، وقد كتب في الهامش هذه الزيادة، وصحح عليها وجعلها في جملة الحديث، وأنها من رواية أبي الوقت هكذا، بإضافتها إلى الحديث، وذلك في موضعين من الكتاب، أولهما: في «باب التعاون في بناء المسجد» من «كتاب الصلاة» والثاني: فى «باب مسح الغبار عن الناس في السبيل» في «كتاب الجهاد» وما عدا هذه النسخة، فلم أجد الزيادة فيها، كما قاله الحميدي ومن قبله، والله أعلم.
قال الحافظ مبينا دقة البخاري في علم العلل «فتح الباري» لابن حجر (1/ 543 ط السلفية):
«فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث.»
ثانيا: فتحصل من هذا أن البخاري أعل هذه الزيادة وضعفها ولم يذكرها في صحيحه
. وقبله احمد وابن معين وأبو خيثمة والحافظ المعيطي.
ولذلك لما سئل أحمد ضعفه من جميع طرقه .
ومرة سكت ومرة تردد … وهذا يبين لنا حجم الضغط الهائل على الإمام في تلك الحقبة العباسية المتشيعة:
«قال إسحاق: كلاهما كما قال.
قلت: قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار رضي الله عنه: “تقتلك الفئة الباغية؟
قال: لا أتكلم فيه، تركه أسلم» «مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه» (9/ 4890):
«الجامع لعلوم الإمام أحمد – العقيدة» (4/ 558):
و«قال الخلال: أخبرني إسماعيل بن الفضل، قال: سمعت أبا أمية محمد بن إبراهيم يقول: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وأبو خيثمة والمعيطي ذكروا: “يقتل عمارا الفئة الباغية” فقالوا: ما فيه حديث صحيح.
قال الخلال: سمعت محمد بن عبد الله بن إبراهيم، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روي في: “تقتل عمارا الفئة الباغية” ثمانية وعشرون حديثا، ليس فيها حديث صحيح.» «السنة لأبي بكر بن الخلال» (2/ 463):
وقال في الجامع «ما جاء في قتال أهل البغي
حديا أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه: “وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ” قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ باللَّهِ مِنْ الفِتَنِ.
قال الإمام أحمد: قد روي هذا الحديث من ثمانية وعشرين طريقًا ليس فيها طريق صحيح .
وقال مرة: ما فيه حديث صحيح .
وقال مرة: فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال مرة: لا أتكلم فيه، تركه أسلم .»
«الجامع لعلوم الإمام أحمد – علل الحديث» (15/ 296):
وقال الخلال: أخبرني إسماعيل بن الفضل، قال: سمعت أبا أمية محمد بن إبراهيم يقول: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبا خيثمة والمعيطي ذكروا: «يقتل عمارا الفئة الباغية» فقالوا: ما فيه حديث صحيح
وقال الخلال: سمعت محمد بن عبد الله بن إبراهيم، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: روي في: «تقتل عمارا الفئة الباغية» ثمانية وعشرون حديثا، ليس فيها حديث صحيح«السنة لأبي بكر بن الخلال» (2/ 463):
ثالثا: إنكار ابن سيرين لهذا الحديث الذي يرويه الحسن (وأخرجه مسلم متابعة )
فقد كان ابن سيرين ينكر على الحسن هذا الحديث يقول: سلوا الحسن ممن سمع “عمار تقتله الفئة الباغية”.
انظر «شرح علل الترمذي» (1/ 536):
وتبين من قول ابن سيرين هذا إنكاره لرواية الحسن تقتل عمار الفئة الباغية
وابن سيرين فقيه الأمة ومحدثها وحافظها.
رابعا: وقد أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد وهي اللفظة التي حذفها البخاري عمدا كما نبه عليه الحافظ فما في مسلم أعله البخاري وضعفه أحمد وابن معين وابن أبي خيثمة المعيطي وغيرهم كما سبق .
خامسا: ذكر الخندق في رواية مسلم مع أن الرواية في البخاري في بناء المسجد وهذه علة تدل على دقة نظر البخاري في تركه لهذه الرواية
قال مسلم حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار (واللفظ لابن المثنى)، قالا: حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي مسلمة قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني: « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية، تقتلك فئة باغية .»
قلت: ومن عظيم نظر البخاري وأحمد وابن معين والمعيطي أن هذه الرواية في مسلم أن ذلك في الخندق، وإنما الرواية المحفوظة أنه في بناء المسجد.
سادسا: وقد وردت كذلك لفظة الخندق من حديث أم سلمة وأعلها ابن رجب.
قال ابن رجب معلا الرواية: «فتح الباري لابن رجب» (3/ 309):
«وخرجه مسلم مختصرا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار: ((تقتله الفئة الباغية)) .
وذكر حفر الخندق في هذا الحديث فيه نظر، والصواب: بناء المسجد، يدل على ذلك وجهان:
أحدهما: أن حفر الخندق لم يكن فيه نقل لبن، إنما كان ينقل التراب، وإنما ينقل اللبن لبناء المسجد.
والثاني: أن حديث أم سلمة قد روي بلفظ أخر، أنها قالت: ما نسيت الغبار على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول:
((اللهم إن الخير خير الآخرة … فاغفر للأنصار والمهاجرة))
إذ جاء عمار فقال: ((ويحك – أو ويلك – يا بن سمية، تقتلك الفئة الباغية)) .
وأم سلمة أين كانت من حفر الخندق؟ إنما كانت تشاهد بناء المسجد في المرة الثانية، لأن حجرتها كانت عند المسجد.
وقد اختلف في حديث: ((تقتل عمار الفئة الباغية)) .»
ثم أخرجه مسلم فقال وحدثني محمد بن عمرو بن جبلة ، حدثنا محمد بن جعفر . (ح) وحدثنا عقبة بن مكرم العمي، وأبو بكر بن نافع قال عقبة: حدثنا، وقال أبو بكر: أخبرنا غندر ، حدثنا شعبة قال: سمعت خالدا يحدث عن سعيد بن أبي الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة: « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية . «صحيح مسلم» (8/ 185):
انتهى:
سابعا: وأم أبي سعيد مجهولة لذلك جعلها مسلم متابعة قال الحافظ في التقريب مقبولة.
قال علي بن المديني منبها على غرابة هذا السند « قد سَمِعت عليا يَقُول أَنا لَا أحفظ عَن خَالِد عَن سعيد ابْن أبي الْحسن الا هَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث أم سلمه تقتل عمار الفئه الباغيه» سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني» (ص85):
وهناك أمور أخرى استقصيتها في بحث كبير
والشاهد من هذا كله أن في ثبوته خلاف لا كما يذكره المتأخرون أنه متواتر بجمع كل طريق ساقطة له.
فالخلاف بين المتقدمين واضح فكيف يبنى على هذا أصول كبرى.
قال ابن الملقن: «البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير» (8/ 548):
قلت: وجماعة من الحفاظ طعنوا في الحديث. قال الخلال فيما حكاه ابن الجوزي في «علله» عنه أن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبا خيثمة، وغيرهم ذكروا هذا الحديث: «تقتل عمار الفئة الباغية» ، فقالوا: ما فيه حديث صحيح. وأن الإمام أحمد قال: قد روي في «عمار تقتله الفئة الباغية» ثمانية وعشرون حديثا، ليس فيها حديث صحيح. وقال ابن دحية في كتابه «التنوير» : هو حديث لا مطعن في صحته، وقد رواه جماعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استوفى طرقه الطبراني في «معجمه الكبير» فرواه عن معاوية نفسه، وعن (عمر وابنه) وغيرهما، ولو كان حديثا غير صحيح لرده معاوية وأنكره. انتهى.
والشاهد من هذا كله أن في ثبوته خلاف لا كما يذكره المتأخرون أنه متواتر بجمع كل طريق ساقطة له.
فالخلاف بين المتقدمين واضح فكيف يبنى على هذا أصول كبرى.
أ.د. فضل بن عبد الله مراد
