صراع المشاريع الأربعة.. قراءة مركزة في واقع الحرب والموقف الشرعي.
أ.د فضل مراد
*صراع المشاريع الأربعة*
*قراءة مركزة في واقع الحرب والموقف الشرعي.*
*أ.د. فضل عبد الله مراد*
هذا مقال هو في الأصل نتيجة مختصرة من بحث في المشاريع الأربعة وصراعها
وخلفياتها وتقاطعها لعلي أنشره قريبا إن شاء الله لكن سأذكر بتركيز نقاطا خلاصية مهمة من البحث كالتي:
✅ أما المشاريع الأربعة فهي:
1_ المشروع الشرقي (الصين روسيا)
2_ المشروع الغربي (امريكا والاتحاد الاوربي واسرائيل)
3 _ مشروع الإسلام الحضاري (الأمة)
4_ المشروع الشيعي
وقد وضحت في البحث خلفيات كل مشروع
وأين تتقاطع وتتخادم والمهم هنا ألخصه في التالي:
🔵 وهو أن المشروع الغربي لا يمكن أن يهيمن على العالم ويفرض حكم الشرطي الواحد عليه
إلا بتدمير مشروع الإسلام الحضاري ويكون ذلك بتفكيك وتفتيت الأمة وتمزيقها
والأمة معناه السنة وشعوبها ودولها لأنها هي من تحمل مشروع الإسلام
الذي يقود الأمة إلى النهوض الحضاري الشامل وقيادة العالم وكبح جماع المتكبرين في الأرض.
🔵 والمشروع الغربي يتقاطع مع المشروع الشيعي في نقطة تدمير شعوب ودول السنة.
وكل له مصالح فيه ذلك.
وهذا ما يفسر التخادم طوال الفترة الماضية
منذ تعاون إيران وأتباعها مع اميركا وتحالفها في احتلال العراق
إلى أن تم تفكيك أربع دول عربية لصالح المشروع الغربي
بيد المشروع الشيعي.
🔴 تسبب ذلك في تدمير وتشريد وتنكيل بأكثر من 123 مليون سني في اليمن والعراق والشام.
🔵 أما علاقة المشروع الشرقي بمشروع الإسلام فهي علاقة مصلحة اقتصادية وسياسية.
مع فتك بلا رحمة بأي وجود إسلامي هناك كما هو الحال في الايغوز في الصين.
وقبله احتلال افغانستان من الروس.
🟢 لكن المشروع الصيني الروسي يسعى إلى تعدد الأقطاب
وهو بهذا يقف ضد المشروع الغربي الذي يحمل مشروع الشرطي الوحيد للعالم.
تحت نظام عالمي واحد تحكمه امريكا في الاقتصاد والسياسة والقوة والفكر والدين.
🔴 إن المشاريع إذا شعرت بالتهديد الوجودي أوالخطير لن تتردد في الدخول العسكري
وهذا سبب حرب اوكرانيا.
🔵 وهو يفسر لنا حرب اسرائيل وإيران اليوم.
لأن إيران بعد التخادم الغربي معها في الانقضاض على أربع دول وتدمير شعوبها ودولها ومقدراتهم
استثمرت الحرب الاوكرانية وصراع المشروعين الكبيرين
في تشبيك علاقات متينة وأمدت روسيا بالمسيرات
بينما أمدها الحلف الشرقي بالأسلحة فرط صوتية
التي جعلت من ايران تسيطر على باب المندب وتضرب إسرائيل
بذريعة غزة.
وهي نصرة تكتيكية لا استراتيجية.
تستثمر في التوازن وعوامل الضغط
لصالح المشروع الغربي والمشروع الإيراني.
🟢 وسر تغيير التخادم من قبل إيران من الغرب إلى الشرق
هو تغير السياسات المرحلية التي تحتاج لأهداف خادمة لها
ومن أهم أهدافه الحيلولة دون تمدد المشروع الغربي نحو الشرق من جهة.
وهذا هدف المشروع الشرقي من التحالف ودعم إيران.
🟢 وله هدف داخلي لإيران ومشروعها
هو تمام الهيمنة الجوية والمسلحة على عموم دول الجزيرة العربية إضافة للعواصم الأربع.
وقد فعلت ذلك وكانت إيران مهيمنة على ذلك بحرا في البحرين الأحمر والعرب
وجوا من خلال وكلائها.
وكان ضربها لإسرائيل رسالة في نفس الوقت تعد ضربا معنويا شديدا لدول الجزيرة والمنطقة
🔵 أما نصرها لغزة فهي سياسة ذكية وورقة قوة تتفاوض بها مع الغرب وتضغط عليه
وهذا من الذكاء الذي لم تدركه دول السنة خاصة أتباع المعسكر الصهيوني.
فهذه النصرة تكتيكية لا استراتيجية، والنصر يقاس بالأثر
فأين أثر نصر حزب الله وإيران وأذرعها في المنطقة
الأثر الحقيقي، وإيران تملك ترسانة مسلحة.
مع ذلك نقول منصفين كان ذلك أفضل من موقف الدول العربية الميت.
ودعمها السابق واللاحق قبل الطوفان يصب في هذا الاتجاه.
🟢 وغزة وأهلها معذرون أن يأخذوا ويستعينوا بمن يعينهم من كان
لأن إخوانهم حاصروهم وشاركوا في إبادتهم
فهم غير مؤاخذين على الإطلاق
بل واجب عليهم دفع المفسدة النازلة عليهم بأي وسيلة مع من كان في الأرض
كان شيعيا أو سنيا أو ملحدا أو هندوسيا أو غير ذلك.
لأن مراحل الضرورة لها أحكامها الشرعي.
كما هو مقرر في موضعه الفقهي.
🔴 الحاصل أنه بالنسبة للمشروع الغربي
كان لابد من قيام هذه الحرب وضرب المشروع الإيراني
لإضعاف تمدد المشروع الشرقي وتحالفاته،
حماية للمشروع الغربي وأدواته التي هي الصهيونية.
🔵 أما مشروع الإسلام الحضاري الذي ينهض بالأمة
فشعوبه ودوله غارقة في التفتيت
وانعدام الرؤية والخلاف مع من نقف في هذه الحرب.
🔴 وسبب التفتيت والتفكيك الأكبر هو المشروع الغربي
ووصل ذروته بدخول المشروع الإيراني على الخط
ليلتقط الفرصة كعادته السياسية الذكية لخدمة مشروعه.
🔴 فحصدت دول المنطقة منذ سقوط العراق ثم أخواتها من العواصم الأربع
محصولا وفيرا من الشوك والمرارة والتنكيل والتفكيك.
🔴 بل إن بعض دول المنطقة كان لها اليد الغبية
في تمكين تفكيك هذه الدول بتوجيه من الغرب
فما أصاب دول المنطقة كان بتخطيط وتوجيه غربي وتنفيذ إيراني استغلالي لذلك لخدمة مشروعه
وإمداد ومساعدة من بعض دول المنطقة
مع ضعف في قيادة تلك الدول وتفرقها وتوزيع ولاءاتها بين الأطراف.
🟢 النظر الشرعي يقوم على شمول وعموم النظرة
فمن بنى نصرة طرف على موجب شرعي جزئي لبناء الأحكام فقد أخطأ.
والصحيح أن النظر إلى غزة بعين
وإلى شعوب مئة مليون من الأمة في الشام واليمن والعراق بعين أخرى
وما لحق من نكال وتدمير وإنهاء لدولهم وتشريد وقتل ونهب وسجن وتعذيب
وفرض نظرة المرجعية الإيرانية والعنصرية والدونية والطبقية المقيتة والتجهيل.
كل هذا واجب على العالم أن يستحضره قبل إصدار الفتوى في النازلة
🔴 ثم إذا تعارض مفاسد المشروعين نظرنا إلى أشدها وأوسعها وأفتكها وأطولها استمرارا.
ومعلوم أن المشروع الشيعي منذ المئة الأولى للإسلام
وما جنت منه الأمة سوى دمار ممنهج وتفكيك
وهو يقوم أساسا على نظام الإحلال لا على التعايش
بمعنى أن يكونوا بديلا عن السنة وشعوبها ودولتها
وفي كل الحياة من الكرسي إلى الشارع والمسجد والمدرسة والمناهج والجيش
بوصلتهم العقدية موجهة للداخل فقط.
🔵 الصهيونية وخطرها المعاصر على الأمة ومشروعها الإسلامي آيل إلى الزوال قريبا
بخلاف المشروع الشيعي فهو وجود تاريخي متجذر
يقوم على الفتك بالدول السنية كلما شعر بفرصة
وهو ما تمليه عليه مرجعيته وعقيدته وليس الأيدلوجية السياسة فقط
ويمتد حتى يسيطر على الدولة ككل عبر التاريخ
مثل الفاطميين والبويهيين والقرامطة والصفويين والزيدية الرسية.
كل هؤلاء كانت بوصلتهم إلى الداخل تاريخيا
لم تتجه لحمل رسالة الإسلام على العالم والإنسانية
بل لحمل مشروع التشيع العنصري
وإحلاله بديلا عن عموم دول وشعوب السنة في العالم التي هي الأمة.
🟢 إن كلاهما خطران لكن الفقيه ينظر إلى أشدهما.
والنظرة الآنية أو الجزئية ضررها كبير على الأجيال خاصة إن كان محل اتباع.
🔵 كما أنه لا يحق لآخر أن يقول للمظلوم لماذا لم تقف مع من ظلمك وتندد ضد ظالم آخر جاء معتديا عليه.
هذا لا يتوافق مع الفطرة والعقل ولا الشرع.
🟢 كما أن من أهم واجبات المرحلة
أنه يتحتم على دول الخليج والشام والعراق واليمن وتركيا وباكستان وماليزيا واندنوسيا ومصر
إقامة اتحاد، على غرار الاتحاد الاوربي،
فيه حلف عسكري واقتصادي وسياسي.
وكل يحكم بلده ولن يأخذ أحد سلطة أحد أو يحاربها
الاتحاد الاوربي نموذجا…
🟢 وقد بينت في كتاب المقدمة في فقه العصر في فقه القوات المسلحة والأمن
أن السلاح النووي من الفساد في الأرض
لكن يتعين على المسلمين صناعته كسلاح ردع فقط.
إن العالم لا يؤمن إلا بالقوة.
🔵 ومآلات الحرب ستكون في الغالب كمآلات حرب اوكرانيا
كلما طالت.
صراع المشروعين والمشاريع بالوكالة.
فإذا انتهت حرب اوكرانيا انتهت حرب ايران.
ولها مآلات أخرى لكن هذا هو الأوضح الآن في حال طالت الحرب وتدخلت المشاريع بالوكالة.
🟢 ومن أهم مصالح الحرب أنها أحدثت توازن رعب وقوى
بعد أن كانت الترسانة الاعلامية تصب ساطور الرعب العسكري الاسرائيلي الغربي في المنطقة
🔵 وقبل ذلك كشفت حرب باكستان والهند عن ترسانة حديثة صينية
تتفوق على ترسانة المشروع الغربي.
على الأقل في تلك الحرب.
وهذا يخدم التوازن العالمي.
فإن الحرب النفسية أقوى من المسلحة
ومن هزم داخليا في قرارة وعيه وعميق نفسه
سيهزم خارجيا ولو امتلك أفتك الأسلحة.
🟢 أخيرا على العلماء والقادة والمفكرين
توجيه بوصلة الأمة والقيام بحمل المشروع الحضاري للأمة للعالم
وهذا يتطلب تظافر الجهود والقوى والأفكار.
وأرى أن الخلاف الدائر نتيجة لعدم اتضاح الرؤية ووجود فراغ مشاريعي كبير.
فالمتعين اليوم البدء بوضع تصور شامل لمشروع الأمة من عموم الأمة
ووضع استراتيجياته وخطته وأفكاره ومشاريعه ومبادراته
وتزمين ذلك وتنظيمه بجهد تتشابك فيه العقول والمؤسسات والأفراد
والروابط والهيئات والاتحادات العلمائية والفكرية في عموم الأمة.
*أ.د. فضل عبد الله مراد*