Dr.Fadil

خمسة وأربعون استنباطا من حديث العشر: 

أ.د فضل مراد

0

خمسة وأربعون استنباطا من حديث العشر:

موسوعة معالم الاجتهاد في فقه العصر:

مجلد الصيام 528

أ.د. فضل عبد الله مراد

تقدم الحديث «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ” ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ ، قَالَ: ” وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ “»

وقد تأملت في هذا الحديث الصحيح فاستنبطت منه أربعا وأربعين فائدة من الفقه والأصول والمقاصد والفضائل والعقائد:

وثم من العلماء من استنبط منه وإمكان الاتفاق على عدد منها لا شك فيه.

لكن هذا ما ظهر لي من الحديث والله أعلم.

1_ فيه أن الفضل يشمل يوم العيد فالعمل الصالح فيه أحبه لله لأنه من العشر وآخرها والناس يغفلون عن ذلك .

2_ فيه أن هذه العشر أفضل أيام الله من حيث العمل الصالح.

3_ وفيه تفاضل الأعمال الصالحة عند الله وتفاضل الأيام.

4_ وفيه أن الأعمال الصالحة تفضل بزمانها.

5_ وفيه أنه ينبغي على المؤمن أن لا يغفل عن هذه الأيام؛ لأن حب المؤمن متعلق بما يحبه الله كيف وهذا العمل أحب عمل إليه لا يوازيه عمل.

6_ وفيه رحمة الله بعباده حيث جعل لهم مواسم للطاعات وفتح لهم الفرص السانحة للقربات.

7_ وفيه أن أيام العشر في العمل الصالح أفضل من أيام رمضان والعشر الأواخر وليلة القدر وما قاله ابن تيمية من أن ليالي العشر الأواخر أفضل لوجود ليلة القدر ضعيف مصادم للدليل الصريح في أفضيلة أيام العشر .

 

8_ وفيه أن الفضل في هذه العشر شامل لياليها ولا دليل على اختصاص النهار بالفضل لأن اليوم يطلق على اليوم والليلة .

وهذا واضح في القرآن والسنة واللسان:

كقوله تعالى : {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي ‌أَيَّامٍ ‌مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] أي: أيام منى وهي شاملة لليل والنهار بلا ريب.

وقوله تعالى.{تمتعوا في داركم ثلاثة أيام} [هود: 65]

ومنه قوله تعالى: {آيتك ألا تكلم الناس ‌ثلاثة ‌أيام ‌إلا ‌رمزا} [آل عمران: 41]

وهذا شامل لليل والنهار.

{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي ‌الْأَيَّامِ ‌الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]

أما قوله تعالى ففصل بين الليل واليوم {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ ‌أَيَّامٍ ‌حُسُومًا} [الحاقة: 7]

لأن نهار اليوم الثامن دخل وتوقف العذاب في الليل.

لأنه بدأ نهارا مدة ثمانية أيام وتوقف عند الغروب فلم تدخل الليلة التالية، وهذا تفصيل قرآني يدل على أنه منزل بعلم الله سبحانه وتعالى.

وقد أطلق الله سبحانه الليالي على الأيام في موضع آخر في قصة عاد نفسها فقال : {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ‌فِي ‌أَيَّامٍ ‌نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ‌‌} [ فصلت: 16] فقال سبحانه: “أيام نحسات” ومعلوم دخول الليل فيها.

9_ فيه أن صلاة الفريضة في العشر أحب من غيرها.

10_ فيه أن العمرة في العشر أفضل من العمرة في غيرها.

11_ وفيه حب الله للعمل الصالح وبغضه لعمل السيئات.

12_ فيه فرصة سانحة لمن كان عند البيت المحرم أو في مسجد المدينة أو الأقصى، حيث تضاعف الأعمال في العشر لاجتماع المضاعفة بسبب المكان بمئة ألف صلاة، وكونها في العشر.

13_ فيه أن النوافل في العشر أفضل من غيرها.

14_ وفيه أن أفضل الأعمال الجهاد في سبيل الله، وكان ذلك متقررا عند الصحابة لذلك سألوا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فأقرهم على ذلك.

15_ وفيه أن العمل الصالح في العشر يفوق الجهاد في غيرها.

16_ وفيه أن من استشهد في سبيل الله أفضل عند الله من أي عمل صالح ولو كان في العشر.

17_ وفيه أن جهاد العدو في العشر من ذي الحجة بشروطه يكون حينئذ أفضل الأعمال استشهد أم لا.

18_ وفيه أن الخروج بالنفس والمال أعظم الجهاد في سبيل الله .

19_ وفيه أن صيام كفارة المحظورات أو التمتع لمن لم يقدر على الهدي أفضله في العشر.

20_ وفيه أن الأزمنة ليست سواء فهناك أزمنة مباركة أفضل من غيرها.

21_ وفيه أن من عليه قضاء رمضان قضاه في هذه العشر فهو أحب؛ لذلك كان يفتي به عمر.

22_ وفيه إثبات صفة المحبة لله صفة تليق به سبحانه.

23_ وفيه أن صوم عرفة له فضيلتان الأولى أنه عمل صالح في العشر من ذي الحجة فصيامه أحب الصيام لله الثانية أنه يكفر ذنوب سنتين.

24_ وفيه أن المعاصي في هذه الأيام يعظم قبحها؛ لأنها أيام اختصها الله للصالحات.

25_ وفيها مندوبية الإكثار والتنويع من العمل الصالح في هذه العشر فرضا ونفلا؛ لأن بالإكثار والتنويع تكثر الفضائل.

26_ وفيه خصوصية عظيمة للإكثار من ذكر الله في هذه العشر للنص عليه في الحديث الصحيح (فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ)

27_ وفيه مشروعية الجهر والسر بالتكبير والتهليل فرادى وجماعات في هذه العشر؛ لأنه عمل صالح فمن زعم اقتصار ذلك على هيئة معينة لزمه الدليل على المنع.

وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة كانا يكبران في العشر قال البخاري «وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما وكبر محمد بن علي خلف النافلة»

28_ وفيه أن ذبح الأضحية يوم العيد أفضل من ثانيه وبقية أيام التشريق؛ لأن الأضحية عمل صالح والعيد من العشر.

29_ وفيه فضل صلاة العيد والتكبير فيه وصلة الأرحام فيه وتفقد المساكين والجيران؛ لأن العيد آخر أيام العشر وهذه من الأعمال الصالحة فتكون أحب إلى الله .

30_ وفيه أن الفطر للحاج أفضل وأحب إلى الله من الصوم لأن أعمال الحج ومناسكه والدعاء والوقوف هي نسكه المتعين، والصوم وإن كان من العمل الصالح إلا أنه يضعف الحاج عن أعمال الحج التي هي مشروعة على وجه الخصوص له؛ ولذلك أفطر النبي عليه الصلاة والسلام بعرفة وثبت عن الخلفاء بعده، وثبت عن عثمان الصوم.

31_ وفيه عظيم منزلة الحج وأعماله؛ لأن الله خصص له العشر التي العمل الصالح فيها أحب إليه.

32_ وفيه أن يوم عيد الأضحى أفضل في العمل الصالح من يوم عيد الفطر.

33_ وفيه أن الأعمال الفاضلة إذا تزاحمت قدم التكليف المتعلق بالوقت وكان أفضل؛ لذلك كان الفطر للحاج أفضل من الصيام يوم عرفة.

34_ وفيه أن إتمام مناسك الحج وطواف الإفاضة يوم العيد أفضل من تأخيره؛ إدراكا لفضل العشر ولذلك أكمل رسول الله حجه وتحلل يوم العيد وصلى الظهر بمنى بعد طواف الإفاضة.

35_ وفيه أن اجتماع العبادات يضاعف الفضيلة؛ لذلك اجتمع في العشر الحج والصوم والعيد والصلاة والأضحية وذكر الله كثيرا .

36_ وفيه أن الأيام الفاضلة يستحب حث الناس على استغلالها والتنبيه عليها؛ لذلك حث النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه على ذلك.

37_ وفيه السؤال عن إشكال التعارض فقد سأل الصحابة النبي عليه الصلاة والسلام عن تعارض العمل في العشر مع فضل الجهاد.

38_ وفيه أن “ما ” النافية وما في سياقها من النكرة من ألفاظ العموم.

39_ وفيه أن العام يبقى على عمومه ويخرج عنه ما استثني؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام استثنى المجاهد الذي استشهد وذهب ماله فهذا أفضل من العمل الصالح في العشر، ويبقى العموم فيما سواه كما هو لا يغيره هذا التخصيص ولا يضعفه، فيدل أن من زعم ذلك من الأصوليين قوله ضعيف.

40_ وفيه تقديم مقصد حفظ النفس على غيره في الرتبة؛ لذلك كان الجهاد في سبيل الله أعظم الأعمال مطلقا؛ ولما كان العمل في العشر لا يفضله عمل إلا من استشهد في سبيل الله دل على عظمة مقصد حفظ النفس، فلما أطاع الله في أعظم مقصد جاءت الشريعة لحفظه نال أعظم مرتبة حتى على العمل في العشر.

41_ وفيه حل إشكال التعارض.

42_ وفيه أن العمل يشمل القول والفعل.

43_ وفيه أن “ال” في المفرد تدل على العموم وهذا ما فهمه الصحابة من جملة (العمل الصالح).

44_ وفيه أن الصدقة الجارية بعد الموت من وقف أو تعليم علم أحبها إلى الله في هذه العشر؛ فمن أراد وقفا أو نشر علم أو تأليفه أو تدريسه فهذه العشر أفضل.

45_ وفيه أن من أهم الوسائل التعليمية السؤال والجواب بين الشيخ والطالب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.