Dr.Fadil

التعويذ من الطابور السادس

أ.د فضل مراد

0

التعويذ من الطابور السادس

“قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)”

في قوله تعالى: “قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ.. ” إلىٰ آخر السُّورة، وجوب الالتجاء والتعوذ به سبحانه لدفع السُّوء والمكاره،

والأمر: “قل” دالٌ علىٰ الوجوب، وهذا الوجوب مطلق مستمر استمراريَّة الفلق، وحصول الشُّرور.

إنَّ هذا الوجوب، وهذه الاستمراريَّة، وهذا التعوذ هو الدرس المقدم في هذه السورة، وفيه على وجه العموم:

– أنَّ هذِهِ الدَّنيا أصلها قائم علىٰ الابتلاء، ومن ذلك الشّر والخير، ودفع الابتلاء بالشرور بهذه السورة المباركة.

– وفيه أنَّ الله تبارك وتعالى رحيم بعباده حيث أنزل لهم ما يدفع به عنهم.

– وفيه العمل بالأسباب الدافعة، ومنها هذه السّورة والتي تليها.

– وفيه حاجة حامل الرسالة إلى التحصن المقوّي لهُ علىٰ الأمر، فإن رسول الله مأمور بهذه الاستعاذة؛ لدفع ما يواجه من الكيد والمكر والشر.

– وفيه أنَّه لا يكاد يسلم من شر هذه الأمور حتّى الأنبياء والرسل، فإذا كان الأمر لهذه الصفوة، فغيرهم أولىٰ.

– وفيه أهميّة هذه السّورة والتالية، لأنَّها تعويذ خاص من الله تعالى، العالم بالدوافع والموانع والشّرور والخير، فهذه رقية لا تساويها رقية، ولا يعادلها تعوذ، وهذا ما ثبت به النص النبوي كما أخرجه النسائي وغيره.

– وفيه أن حملة الدعوة بحاجة ماسة للتواصل الواثق بالله ذي القوة المطلقة والقدرة المطلقة، وربنا سبحانه وتعالى يمدهم بهذا؛ لأنّه مطلع وعالم بما يكتنف مسيرة الدعوة من الشّرور والمؤامرات والحسد والنكايات ووساوس الصدور.

سورة خاصة بالاستعاذة من الشر الكلي العام، من كل ما خلق، فيشمل كل شر، حتّى شر النَّفس التي بين جنبيك، بما يصيبها من هوى وتخذيل وتثبيط عن المضي في خط الصراط المستقيم.

وهكذا شر الليل المتدفق؛ لأن في الليل تحاك المؤامرات والكيود عادة، وتُدبر ويُخطط لها.

وهكذا، كثير من الشّرور يحويها الليل وظلمته، ولذلك نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخروج عند هدأة الرجل من الليل.

حتى شر النفاثات والشعوذة والدجاجلة، وشر الحاسدين والحاقدين الذين ينفثون كما تنفث النفاثات، ينفثون بحسدهم، فيكيلون التآمر والشر، كل هؤلاء قوى تواجه بالآيات الربانية.

ثم أفرد سورة مستقلة، هي سورة النّاس، للاستعاذة من شر الوسواس فقط، كأنه أخطر الشرور، إنه يهاجم من الداخل، يغويك، يربكك، هذا الذي يزرع الشكوك والظنون، ويزرع الأوهام.

وهو خنَّاس، أي يضع الكلمة ثم يخنس هارباً، هذا ما يعطيه اللفظ، وهو كذلك يفر إذا تذكر العبد ربه، كما هو أحد وجهي التفسير.

وهو من نوعي مخلوقات التكليف، خنَّاس وسواس جني وإنسي، كلهم يؤدون الطابور السادس.

وساوس وظنون وأوهام وأحقاد، وتشجيع على المكايد والآثام والظلمات، وفي طريقنا جميعاً لكل هذا، أمرنا بهاتين السورتين صباحاً ومساءً، وقاية تامة جداً.

إضافة لسورة الإخلاص، التي تعني الارتباط بمن له كل الأمر وحده، وهو الله، ومن بيده الخلائق، من إليه تعمد الخلائق فقيرة محتاجة، ليس له كفؤ في قدرته وأسمائه وصفاته أبداً، في حفظه، في لطفه.

وقد ثبت أنه لا أفضل من هذه التعاويذ، ولما نزلت هذه السور الثلاث، ترك رسول الله التعاويذ وحافظ على هذه السور الثلاث، فعليك بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم تسلم.

الآن، إذاً: بادر إلى اغتيال الطابور السادس بهذه الثلاثة الأسلحة: سورة “الإخلاص”، و”الفلق”، و”الناس”، ثلاثاً إذا أصبحت، وثلاثاً إذا أمسيت.

أ. د. فضل مراد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.