Dr.Fadil

عمليات التجميل بين التغيير والتغرير والإصلاح (المجلس الأول)

أ.د فضل مراد

0

عمليات التجميل بين التغيير والتغرير والإصلاح

المجلس الأول

القسم الأول : التغيير

عند التعامل مع هذا الباب وأمثاله يجب أن يضبط باب التحريم ضبطا بينا بما يدل عليه من النص؛ لأن الله يقول :” وقد فصل لكم ما حرم عليكم” ويكون ذلك بما يسمى عند الأصوليين تحقيق المناط، وهو تنزيل الوصف الشرعي على الواقع، وفي هذا القسم حرم الله تغيير خلقه بنصوص بينة كلية كما سبق، وبين تحريم تغيير خلقه؛ لأنه خلقه على الفطرة، وأنه لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ، وبين أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، فأي خروج عنه لا مبرر له سوى تبديل الفطرة وتغيير الخلق، وهو ما علق الله عليه التحريم، وجعله من عمل إبليس، فأفاد شدة تحريمه، كما هو الحال في هذا النوع من التحريم الشديد كقوله تعالى:” إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه”
فعلم الفقيه هنا هو تنزيل الدلالة اللفظية، وهي تغيير خلق الله على مفردات الواقع، وينظر في تنزيلها إلى محالها الواقعية، فلا شك أنه يدخل فيها:
1_ التغيير الجيني كالاستنساخ
2_ التغيير النوعي كالتحول
3_ تغيير الشكل الطبيعي، الذي هو من أصل الخلقة والفطرة التقويمية،
كعملية تغيير الوجه أو الأنف وتغيير الشفاه
والدليل على منعها، هي الأصول المتقدمة في المنع عن تغيير خلق الله، وأنه من عمل الشيطان؛ ولأنه مناقض للفطرة، والحفاظ عليها دين مفروض؛ لأن الله قال: ” فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم”؛ ولأن النصوص وردت في لعن الواشمة، ولعن المتفلجات؛ لما فيه من تغيير للخلق، وهذا تعليل منصوص،
#والوشم: تشويه للبدن دائم، #والتفلج: هو برد الأسنان لإحداث فروق بينها، وكانت تعمله كبار السن للظهور بمظهر الشابات، كما قال العلماء.
فنص الحديث على العلة بقوله:” المتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله”
فإذ حرم فلج الأسنان؛ لأنه تغيير لخلق الله، فمن باب أولى عمليات تغيير الأنف ؛ لأنها أظهر وأبين.
وتبين من النصوص أن تغيير الخلق محرم بالنص، سواء كان التغيير دائما كالوشم، وفلج الأسنان، ومثله عمليات تغيير شكل الأنف، أو كان مؤقتا كالنمص المنصوص عليه، وهو ترقيق الحواجب بإزالة شعرها المخلوق على الفطرة والطبيعة العادية.
ومثلها عمل البوتكس؛ لتغيير شكل الشفاه، فهو تغيير للخلق الطبيعي ، ولو مؤقتا.

فهذا القسم كله تغيير لا يجوز، ودافعه الهوى والشهوات وعدم الرضا بما اختار الله للشخص.
وهذه المقاصد ظاهرة في هذه الأقسام الثلاثة، وهي تدل على غلظ التحريم؛ لأنه تتبع للهوى والشهوات، وقد تدل على عدم الرضا بخلق الله واختياره، وهذا يطعن في الإيمان والعقيدة، فإن المؤمن يجب أن يرضى بما اختاره الله

أما الاستنساخ البشري فهو جريمة كبرى في حق الخلق يتعلق بالعبث بالوجود البشري وتدميره، وهو محرم قطعي؛ لما يترتب عليه من الفساد في الأرض، وظهور الطفرات الخبيثة التي تقضي على الوجود البشري أو تشوهه ، وتخل بالنظام الأسري والذكورة والأنوثة والتناسل والروابط المجتمعية، ويختل الحلال والحرام في كل هذا ، فهذا محرم مقطوع به؛ ولهذا أفتت المجامع بتحريمه في الإنسان، أما تحويل الجنس فهو فاحشة عظيمة بلا شك ؛ لأن تغيير الرجل إلى المرأة أعظم من التغيير بفلج الأسنان والوشم والنمص المصرح بلعن فاعلته ؛ ولأن مآلها إلى الفاحشة بتغيير خلق الله الظاهري والهرموني بالمعالجات والعمليات،
وهو في حكم الشرع ، ذكر في كل أحكامه ، ويجب ردعه عن تغيير خلق الله وتبديل الفطرة،
وهكذا حال تحول المرأة إلى رجل بعمليات وهرمونات ونحو ذلك، فهي جريمة من الجرائم ضد الفطرة والوجود البشري ونواميس الخلق وسننه، وهي امرأة في كل أحكامها في نظر الشرع فلا تأثير لهذه التغييرات سوى ما يترتب عليه من الآثام والجرائم المقتضية للعقوبات.
والحاصل أن هذه التغييرات محرمة قطعا؛ لأنها داخلة في التغيير المحرم دخولا أوليا ، وهكذا تغيير بعض الخلق، كالأنف مثلا مشمول بهذا التحريم؛ لأنه تغيير لما هو على طبيعة الخلق وفطرته، فهذا من باب تنزيل اللفظ الشرعي على الواقعة ويسمى تنزيل المناط أو تحقيق المناط، ويستدل لتحريم هذه الأخيرة كذلك على لعن الواشرة والواشمة المغيرات لخلق الله
كما في النص فإن لعن مثل هذه، فتلك وما قبلها أولى وأحرى، وهذا قياس أولوي مجمع عليه .

والملاحظ أن هذا الباب بأقسامه المتقدمة تحقق فيها المناط وتحقق فيها بأولوية،والتغيير فيها يقوم على الدوام في أغلب صوره أو على التوقيت كالنمص والبوتكس وما جرى مجراها..

يتبع المجلس الثاني..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.