(ركّز على هدفك، وكرس جهودك لتحقيقه ولا تتشتت)
وأهداني حينها كتاب الكنز وهو أحد أهم الكتب المحفزة.
كنتُ كلّما جلستُ إلى جوار أ.د فضل بن عبدالله مراد في سكنه الجامعي داخل أسوار جامعة الإيمان في نهاية العام 2011م كان يردد دوما هذه العبارات.
كانت مكتبتهُ زاخرة بكتب المحفزات والتنمية البشرية، بالإضافة طبعًا إلى آلاف من الكتب الأخرى .. ورغم إعجابي بالتنوّع الذي تحتويه مكتبة الدكتور إلا أنني لا أنكر أن الاستغراب كان يساورني. .. كنتُ أتساءل شيخ علم، وفقيه وعالم جليل مثل الدكتور فضل ماله وكتب التنمية البشرية وكتب المحفزات والاستشهاد بكتابات وعبارات لكتاب عالميين مثل كارنجي وغيره وهو الذي في الأصل أن يكون ضد مثل هذه الأشياء نتيجة كونه رجل دين محصور بين كتب الفقه والسيرة والحديث وغيرها من الكتب الدينية، مثله مثل غيره من الفقهاء والعلماء؟!! لكنني في نفس الوقت كنت معجب كثيراً بشخصيّة الدكتور وعقله المتحرر من العقد والإنغلاق على علوم بعينها … كما أنه كان يردد دوماً الذي لا يستفيد من تجارب وعلوم الآخرين سيظل جامداً في مكانه ومتقوقع على نفسه.
في تلك الفترة رافقت الدكتور عدة أشهر وكان حينها يعكف بشكل كبير ويبذل كل جهده في كتابة تاريخ جديد من فقه العصر، لم يكن ينام إلا ساعات محدودة وكنت حينها أساعد في عملية الطباعة.
كنت أسأل الدكتور هل يا ترى هذا الكتاب “المقدمة في فقه العصر” سيرى النور ؟
كان يرد سيرى باذن الله وسترى، وكان سؤالي نتاج للوضع الصعب الذي كنا نعيشه في تلك الفترة كما ان الأوضاع كانت متقلبة وغير مستقرة.
كان يحدثني حينها بتفاؤل كبير بأن هذا الكتاب “كتاب المقدمة في فقه العصر” سيصل إلى كل أنحاء العالم وسيترجم إلى عدّة لغات، بل كان يقول لن يقتصر على ذلك… سيعمل مستقبلاً على إنشاء مركز فقه العصر كأكبر مركز إسلامي يهتم بالفقه المعاصر.
كنتُ أراه حلماً..
بعد فترة من الزمن قرر الدكتور ترك كل شيء والهجرة مرة أخرى إلى خارج اليمن، وبعد أشهر من هجرة الدكتور فضل مراد إلى خارج البلاد بسبب الأوضاع في اليمن، أرسل لي الدكتور أول نسخة الكترونية من كتابه العظيم “المقدمة في فقه العصر” وأبلغني أنه قد تم طباعة الكتاب، وأنه سيتلوه أجزاء عدة … وهو ما تم بالفعل.
انتشر الكتاب بشكل كبير في أنحاء المعورة، وكانت النسخ تنفد من السوق بشكل كبير نظراً لما يحتويه هذا الكتاب من تأصيل فقهي للحياه المعاصرة ومعالجة الاشكالات القائمة بين الفقه الجامد المنغلق على نفسه والفقه المنفتح الذي يناقش مسائل عصرية لم تكن موجودة في الزمن الغابر..
وفي بضع سنوات تحققت أحلام الدكتور وأسس بالفعل مركز فقه العصر ليصبح منارة في عالم الفقه المعاصر وصار الدكتور أحد أهم العلماء والفقهاء التنويريين الذين يتنقلون بين دول العالم لنشر العلم والنور وإقامة المحاضرات والدروس.
وهنا نقول: “إن كتاب المقدمة في فقه العصر صار من أهم الكتب الفقهية التي يقبل على اقتناءها الملايين من الناس.
كما أن الكتاب من أروع الكتب التي تؤصل الفقه الإسلامي بما يتناسب مع عصرنا الحالي ..
– الجدير بالذكر أنه لم يسبق لأحد من علماء عصرنا أن خاض تجربة تأصيل الفقه بشكل عصري كما عمل الدكتور فضل مراد في كتابه ..
كما أن الكتاب قد ترجم كما علمت إلى بعض الغات لاشتماله على كل مناحي الحياة بما فيها العصرية ومساعي لترجمته إلى عدة لغات أخرى ..
والذي يميز هذا الكتاب أنه عالج كل أمرٍ من أمور الحياة على حدة وبما يتوافق مع الكتاب الكريم والسنة المطهرة.
مثل خروج كتاب المقدمة في فقه العصر ثورة في عالم الفقه… وقدم خدمة للبشرية في مجال الفقه المعاصر…
الدكتور فضل مراد صار علما من أعلام الأمة ومثل بلده في المحافل العربية والدولية أفضل تمثيل… جعلنا نفخر أننا كنا يوما ما رفقاء لهذه الهامة العملاقة. .
فتحية من الأعماق لرجل العلم والمعرفة والفقه الأستاذ الدكتور فضل بن عبدالله مراد.
بقلم / خالد الأبارة