– الرقابة المجتمعية:
وأهل الحي رقباء في التعاون على البر والتقوى، وإنكار المنكر ومحاربة الجريمة، والتعاون مع الجهات المعنية في الدولة؛ لعموم النصوص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة: ٧٨ – ٧٩)، ولقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة: ٢).
وليحذر من أوكار الجريمة التي تتخطف الشباب، مما ظاهرها الإباحة وباطنها المنكر.
ولا يقال لنا الظاهر والله يتولى السرائر؛ لأن ذلك في الأمر القلبي، أما الأمر المجتمعي والسياسي العام فالأصل فيه الحذر من ظواهر الجريمة وبواطنها، والله يقول (وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ) (الأنعام: ١٢٠) وهذا عام في الفرد والجماعة.
وكل وسيلة أدت إلى ذلك وجبت؛ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل المنافقين على ظواهرهم في دعوى الإيمان لا في الأعمال.
بل أمره الله بجهادهم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (التحريم: ٩).
وجهادهم منه: تغيير منكراتهم باليد، ولو أظهروا منها الإحسان إيهاماً (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) (البقرة: ١١ – ١٢).
ولذا نُهِي عن مسجد الضرار وهو مسجد ظاهره الدين، ونزلت فيه نصوص وهي أصل في إلغاء كل وكر اتخذ ظاهرا للإحسان وباطنا للجريمة؛ لأنه إن كان ذلك في المسجد فغيره أولى.
فقه المجتمع المدني والقبيلة
المقدمة في فقه العصر
د. فضل مراد