فقه المرور وأحكام السير
– حوادث المرور:
وحوادث المرور مضمونة بحسب الشرع، وما انبثق منه من قوانين تنص على ذلك؛ لأن السير في الطريق مضمون بسلامة العاقبة، ولأن النفس البشرية والأموال مضمونة على من صح عليه وصف الجاني.
وعند الالتباس ينظر في الصلح.
والأصل في حوادث المرور الخطأ؛ لأنها آلة لا للقتل إلا إن اعترف أنه تعمد قتل شخص معين بدهسه، وهو عمد عدوان أو فساد في الأرض (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) (المائدة: ٣٢).
فإن لم يعترف وشهد الشهود عليه بالعدوان القاصد للقتل، كمن كانوا بجانبه على السيارة أو سمعوه مهددا بذلك وارتكبه أمامهم وقت تهديده بأن تتبعه بالسيارة وقتله، فيضمن عمدا في الأصل، وتقضي محاكم مختصة بذلك إن استدعى الأمر، خاصة عند حصول إزهاق النفس، ومن عفا وأصلح فأجره على الله.
وقلنا محاكم خاصة؛ لأن حركة المرور وما يترتب عليها أمور مستجدة متكاثرة تحصل فيها خلافات ونزاعات كثيرة، تقتضي تفرغ قضاة ومحكمة مختصة لهذه القضايا، كمحاكم الأموال والمحاكم التجارية.
ومن صح عليه وصف الجاني؛ فعليه كفارة عن كل نفس صيام شهرين متتابعين، فإن عجز لكثرة الأنفس كحافلة أو مقطورة وصح تحميله الجناية أجزأه واحدة عن الجميع؛ لأن المشقة تجلب التيسير.
ومن صح عليه وصف المجني عليه؛ فلا صيام، كسيارة في خطها المشروع للسير اعترض عليها بمركبة عاكسة لخط سيرها في نفس خط الأولى غير المخالفة مع عدم إمكان التفادي، والأصل عدمه حتى يثبت خلافه (١).
المقدمة في فقه العصر
د.فضل بن عبدالله مراد