Dr.Fadil

في إثبات الأهلة الرمضانية

أ.د فضل مراد

0

في إثبات الأهلة الرمضانية

 

حكم تحري الهلال مبني على أصل شرعي هو الأمر بالتكليف أمر بما يتم به.

فحين أمر الله سبحانه بالصلاة وجعلها مؤقتة بمواقيت وجب تبين دخول الوقت بأي وسيلة أدت إلى ذلك؛ لأن الوسيلة هنا هي معرفة العلامة وهي زوال الشمس أو غروبها أو طلوع الفجر.
وهذه المعرفة يلزم لها وسيلتها أيا كانت.
فتجوز بمراقبة الوقت وعلاماته عيانا وتجوز في عصرنا بالساعات وبالتقويم المضبوط؛ لأنها معبرة عن حركة الشمس بدقة مطابقة.
والشرع ما قصد أن ننظر ونعاين الشمس والغروب والزوال إلا لتحقق دخول الوقت، فإن تحققنا بوسيلة مطابقة جاز ذلك.
ومعاينتها إنما هو بالنسبة لرؤيتنا لها لا بالنسبة لما هي عليه في الفلك فإنها قد تكون غابت عن الأفق الغربي بالنسبة لمن يرونها من الشاطئ وتكون لمن يراها من قمة جبل وبرج مرأية.
لذلك لا يفطر سكان الطوابق العليا في ناطحات السحاب مع أهل المدينة إن كانوا لا يزالون يرون الشمس ولو أذن المؤذن في المدينة.
ومثله ركاب الطائرة.
لأن التكليف متعلق بالفرد في محله لا في محل غيره.

وتختلف المواقيت ولو في البلد الواحد لتعدد المشارق والمغارب حسب المكان، فتجد بين مدينة ومدينة فرقا في التوقيت للصلاة والإفطار وقت الغروب.
والهلال جعله الله علامة على دخول شهر رمضان وخروجه ودخول الحج وتوقيتات شعائره.
فوجب أن يعلم بأي وسيلة كانت والرؤية وسيلة إثبات الشهر. علق الشرع الصوم بها، فوجبت. ومقصودها حصول العلم بتحقق وجود الهلال وإذا تم هذا التحقق بوسيلة غير الرؤية جاز فالمقصود هو حصول التحقق من الوجود أو العدم فإن حصل بأداة مطابقة للواقع قطعا صح، والدليل عليه أن الشرع جعل حكم اغتمام الهلال عدما لأنه لم يره، لكن إذا رؤي الهلال من بلدة أخرى غير بلد الاغتمام
وجب العمل بذلك وبطل تعليق الحكم على الاغتمام لما ثبت رؤيته من مكان آخر.
كما فعل النبي -ﷺ- لما أتم العدة نظرا لعدم ثبوت الرؤية واغتمام الهلال، فجاءه ركب آخر النهار يشهدون أنهم رأوا الهلال فأفطر وأمر بالعيد من اليوم التالي. ولو ثبت وجوده بالحساب القاطع في الأفق لولا الغمام لكان العمل بذلك واجبا؛ لأنه تحقق من إبطال الاغتمام والبناء عليه. فهو مساو للرؤية وهو ما يدل عليه هذا الحديث.
كالشمس إن غطتها السحب وقت الغروب فالواجب التحقق بوسيلة التوقيت والحساب وهو ما عليه العمل لأن الحساب والتوقيت معبر تعبيرا مطابقا للواقع.
لكن إن كان ليس اغتماما لكنه العدم الفلكي القاطع حيث لم يولد الهلال بإثبات العدول المسلمين الخبراء من أهل الفلك المتفقين على ذلك . فهذا لا تعلق به الأحكام ولا تلزم الرؤية أصلا.
ويقطع بالعدم في ثلاثة مواضع
بغروبه قبل الشمس ، أو معها ، أو عدم ولادته بعد.
فهذه محلات ثلاثة للقطع الفلكي.
ويلزم للقطع أن يصل الخبر من أهل العلم بالفلك بما يحمل على القطع من كل جهة متعلقة بشروط المخبر إسلاما وعدالة وخبرة وعددا .

 

أ.د. فضل مراد

أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.