Dr.Fadil

استثناء الولايات العامة لأنها وظائف سيادية  

أ.د فضل مراد

0

الفقه الوظيفي
استثناء الولايات العامة لأنها وظائف سيادية:
ويستثنى تولية غير المسلم ولاية عامة على المسلمين؛ لأنها وظائف سيادية للدولة يحق لها منعها بالشرط الدستوري أو القانوني والشرعي.
أما الدستوري والقانوني فبالنص على ذلك بآلية تتخذها الدولة.
أما الشرعي فلأن الله حصر الطاعة لأولي الأمر من المؤمنين «وأولي الأمر منكم» (النساء:59)، وهو قيد معتبر وإلا كان لغوا لا معنى له.
ولحرمة موالاتهم «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء» (الممتحنة:1).
وولايتهم أكبر من مجرد موالاتهم؛ ولأن الشرع أجاز خلع حاكم مسلم ارتكب كفرا بواحا، ولو بالسيف «ألا نقاتلهم؟ قال: لا. إلا أن تروا كفرا بواحا .. ».
فمنعه -ابتداء- أولى بالوجوب: ولأن السمع والطاعة ممنوعة للكافر والمنافق «ولا تطع الكافرين والمنافقين» (الأحزاب:1).
وما الولاية إلا سمع وطاعة؛ فحرمت لكافر ومنافق على مسلمين؛ ولأن المقصود من الولاية حفظ المقاصد وأعلاها حفظ دين الإسلام وإقامة شعائره، وفعل ذلك لا يكون إلا من مسلم، فولاية مسلمٍ مقصودة شرعاً «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» (الحج:41)، «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم» (النور:55).
والأمر ببرهم في النص لمن لم يحارب أو يظاهر لا يستلزم توليتهم؛ لأنه مستثنى بالأدلة السابقة، وبمقاصد الشريعة من تمكين أهل الإسلام لحفظ الدين.
ويُنَصُّ على شرط الإسلام وشرط المواطنة فضلا عن السن والعقل والكفاءة في هذه الولايات العامة وجوبا شرعيا؛ لأنها وسيلة إلى حفظ سيادة الدولة ومصالحها فوجبت؛ ولأن الدول غير المسلمة تتعامل بهذا الشرط إما بالنص أو بالواقع، وتزيد الجنسية، حفظا لسيادتها، وموالاة شعبها والله يقول «والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (الأنفال:73).
أي: إلا تفعلوا تلك الموالاة بينكم أيها المؤمنون يكن فساد في الأرض عظيم، وفتنة.
والشرط في الولاية العامة أن يكون مسلما، ومواطن الجنسية من أوضح صور هذه الموالاة السيادية فيما بيننا؛ فوجبت علينا بهذا التكليف في الآية، فاتخاذ هذه الدول من المشركين والكفار، وثنيين، ولا دينيين، وأهل كتاب شرطَ الجنسية والديانة لهذه الولايات العامة عندهم؛ لأن بعضهم أولياء بعض، وحمايةً للسيادة والمصلحة العليا، فوجب أن تكون دول الإسلام كذلك في هذه الشروط بدلالة «والذين كفروا بعضهم أولياء بعض» (الأنفال:73).
ولقوله تعالى «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم» (التوبة:71)، فهذان نصان في الموالاة، ومن مقتضياتها ما ذكرنا، وقال «المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون» (التوبة:67).
فتولية المنافق ولاية عامة هو تمكين لآمر بمنكر ومفسد؛ فوجب اشتراط العدالة فوق مجرد اشتراط الإسلام.

 

أ.د. فضل مراد
أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.