الفقه الوظيفي
الصلاة وشعائر الله في المرافق الوظيفية:
وفرض على الدولة أن تجعل وقتا للصلاة ومصلى في جميع الدوائر الحكومية والجهات إلا في حال وجود مسجد قريب؛ ليؤدي الموظف شعائر الدين الكبرى فإن لم يكن ذلك من الدولة ففرض على الموظف الصلاة، ولو في مكتبه أو في مسجد قريب.
وعليه أن يترك -تأجيلا- ما عنده من عمل ليتفرغ للصلاة، ويرجع فورا لإتمام عمله بعد فراغه من الفرض والتطوع الراتب.
ولو اتخذ الموظفون قاعة للصلاة، أو مكانا، أو غرفة فقد أحسنوا؛ لأن الجماعة إظهار للدين وتعظيم له.
ومن منع الموظف من أداء الصلاة في مكتبه أو في مسجد قريب، فهو صاد عن سبيل الله عدو لله ورسوله، ويجب محاسبته، فإن عاد لذلك وجب عزله عن ولايته؛ لأنه مضار للناس في دينهم وهو ضرر فاحش وفي النص عزل الإمام بصده عن الصلاة «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة».
فإذا كان هذا في الولايات الكبرى العامة ففي مثل هذا أولى.
وهكذا الأمر في المدارس والجامعات وغيرها، فيجب جعل وقت الصلاة في الجدول العام كما تجعل أوقات الراحة؛ لأن هذا هو مقتضى تعظيم شعائر الله «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» (الحج:32).
فإن إقامة الصلاة على الدولة أول واجب في سياساتها. وهو فرض شرعي «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» (الحج:41).
ويرافق الحق الأول، ويتلوه: النظر في توزيع النسبة الواجبة من الثروات والأموال على شرائح المجتمع الفقيرة والأصناف الثمانية «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم» (التوبة:60).
ومع هذا بالتوازي: السعي للإصلاح الشامل في كل المرافق والإدارات وإقامة عوامل النهضة سياسيا، وأخلاقيا، ومجتمعيا، واقتصاديا، وعسكريا، وعلميا، وهو المعبر عنه بالمعروف.
ومحاربة كل مظاهر الفساد في كل المجالات، وهو من المقصود بالمنكر في الآية.
أ.د. فضل مراد
أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر