Dr.Fadil

وظيفة المعلم  

أ.د فضل مراد

0

 

 

وظيفة المعلم:

والمعلم موظف أجير مؤتمن أمانة كبيرة، ومقتضى العقد قائم على ذلك.

ولا يدرس إلا كفؤ مؤهل ذو خلق لا سيء ولا متهتك.

فالكفاءة القدرة العملية، والمؤهل القدرة العلمية وحسن الخلق، وما بعده هو حسن السيرة والسلوك في العرف الوظيفي الآن، والحفاظ على الشعائر والقيم الدينية والمجتمعية.

ولا يجوز الغياب إلا بعذر لا تلاعب، ولا البدل إلا بمثله في الكفاءة ولضرورة وبإذن الجهة المسئولة.

ويجب الإحسان في التعليم لسائر المواد، والرفق مع الطالب، والنصح له، وبذل الوسع؛ لأن هذا مقتضى العقد، فهو من الإيفاء المأمور به «أوفوا بالعقود» (المائدة:1).

ويجوز الضرب المؤدب لا المتلف إن اقتضى الأمر ذلك. وقد قرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن ابن عباس طفلا.

ويجب على الدولة توفير وسائل التعليم المطلوبة لتحقيق المقصد منه من معامل وتطبيقات وتكنولوجيا، ويستعمل كل ما استحدث من الوسائل؛ لأن الشريعة قاصدة للإحسان «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (البقرة:195).

ومن أتلف شيئا من أثاث وغيره بتفريط ضمنه.

ويحرم الغش بكافة صوره لعموم «من غش فليس منا»، ومن أقبحه انتحال شخصية الغير، والاختبار عنه، والغشاش كذاب خائن، ومن أعطاه شهادة عالماً بحاله فهو شاهد زور خائن للأمانة كذاب، وكذلك من سكت تواطؤاً أو عاون؛ لقوله تعالى «لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» (المائدة:78 – 79).

فإن أخذ عليه مالا كثرت الذنوب، وهو رشوة، ويجب خلع وفصل من يثبت تهاونه وتمريره وتعاونه على الغش من مدراء ومسئولين، وموجهين، أو مدرسين؛ لأنه ثبت فسقه بالخيانة، وهذه ولاية أمانة.

ويحقق مع المتورط قبل ذلك؛ لأن ذلك من تمام العدل والله يأمر بالعدل والإحسان «إن الله يأمر بالعدل والإحسان» (النحل:90)، فإن تعهد بعدم العود فهل يُقبل منه؛ لأن من تاب تاب الله عليه؟

هذا لا يجيء هنا؛ لأن المال العام لا يتصرف فيه إلا بالمصلحة وليس رد مثل هذا من المصلحة العامة.

ويمكن النظر في قبول تعهد بعض الحالات بحسب قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».

وعلى الدولة تشجيع العلم وإكرام المعلم والمتعلم، وتشجيع المبدعين والمتفوقين، لأداء هذا إلى تحقيق المصالح العامة، وهي مطلوبة شرعا فكذلك وسائلها؛ لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد.

ويجب حضور طاقم التدريس كاملا من مدراء ومدرسين في أول دقيقة للدوام إلى آخر دقيقة؛ لأن هذا مقتضى العقد معهم.

ويعفى عن نحو خمس دقائق لجريان العرف الوظيفي على التسامح فيها بلا تكرار كثير خارج عن الحد المتسامح فيه، وإلا حرم وحوسب؛ لأن تكرارها لمن معه ست حصص يومية مثلا، ينتج عنه غياب نصف ساعة في اليوم، وفي ستة أيام ثلاث ساعات، وفي شهر اثنتي عشرة ساعة، أي: ما يعادل ست عشرة حصة شهريا.

ويجب على الدولة إصلاح المناهج على أربعة مستويات:

1. المناهج الشرعية العامة التي تحافظ على الدين والعقيدة واللغة والهوية الإسلامية وتعلم هذا القدر فرض؛ لأن حفظ الدين وما يتعلق به هو أول المقاصد الكبرى للشرع.

2. المناهج العلمية التكنولوجية التي تنهض بالأمة.

3. المناهج التطبيقية والبحثية.

4. المناهج الفكرية والمجتمعية والأدبية والسياسية والاقتصادية؛ لأن هذه المستويات تحقق الإحسان الكلي المأمور به «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (البقرة:195)، ولأن هذه من القوة وهي مطلوب شرعي «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» (الأنفال:60).

وفرض على الدولة وسائر القطاعات التعليمية تعليم الشعائر الكبرى للدين والعمل بها والصلاة بالطلبة في أوقات الصلاة، وتعظيم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم؛ لعموم «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» (الحج:41). وغربلة الطلاب؛ لإخراج الأذكياء والعباقرة ودعم تخصصاتهم؛ لأن هذا يحقق العمل بفرض الكفاية في إيجاد التخصصات.

وتوزع المنح الدراسية للمؤهلين، ويحرم إدخال غير مؤهل بوساطة، أو رشوة، أو تحايل، أو أي وسيلة؛ لأنه يؤدي إلى إعطاء الحق لغير أهله، ومنع المستحق ويؤدي إلى مفاسد وفساد تعليمي وتخلف البلاد، وهذا كله من الظلم، والشريعة جاءت لدفعه ومنعه.

 

أ.د. فضل مراد

أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.