مع الشحارير
شرط صحة المنتوج صحة ما أنتجه .. لابد في النّقاش من تحديد الدّعوىٰ محل المناظرة، ثم تحديد منهجيّة متفق عليها بُنيت عليها هذه الدعوى، غير هذا يعدّ تشغيباً لا قيمة له.
– اضرب لكم مثلاً حقيقيّاً قال لي أحد الشحارير: المشكلة في الحديث … قلت له: سأناقشك من القرآن واللغة، قال: كذلك المشكلة في فهم الأمة للقرآن؛ لأنّها فهمته خطأ!
قلت له: إلى قواميس اللغة وقواعدها، قال: لا أسلم بصوابيّة ما ذهبوا إليه، قلت له: ما رأيك بالمتواتر العملي تعمل به طبعاً؟ قال: نعم، قلت له: الأمة عملياً من الصحابة إلى يومنا هذا تحتج بالحديث … فانتفخت أوداجه؛ لأن هؤلاء أصلاً منحرفون لم يفهموا القرآن عنده!
قلت له: كيف أخذت عنهم ركعات الصلاة بالتواتر العملي وهم منحرفون ضلال؟
وكيف وصل إليك القرآن هل نسختك وصلت دي اتش أل من النبي-صلى الله عليه وسلم- مباشرة.!
لقد ذكرتُ حينئذ قوله تعالى: ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ).
هذه والله حقيقة إن تحاكمنا إلى القرآن يجب أن نرجع إلى فهم هذا الكاتب؛ لأنه هو القطعي فقط، والحق فقط؛ لأن غيره ضال مشرك منحرف عن القرآن، وإذا تحاكمنا إلى قواميس اللغة لا يرضى بذلك؛ لأن فهمه هو الحكم، وإن تحاكمنا إلى متواتر عمل الأمة من الصحابة- رضي الله عنهم- ومن بعدهم بالقرآن والحديث فهذا مردود، مع أنه متواتر عملي إذن ما هي مرجعية التحاكم؟! الجواب: إلى فهمه “فقط”! هنا مشكلة حقيقية في المنهجيّة.
قلت له: إذن إما أن تقول : فهمي ظني وغير ملزم، أو تقول فهمي قطعي وهو ملزم، وهذا ما تقولونه ومعلوم أن القطعي يتحاكم إليه.
– فرضية:
دعنا نقول: إن فهمك قطعي أين حججك القطعية الدلالة التي بنيت عليها هذا هاتها؟ لأن المنتوج القطعي يجب أن يبنى على أدلة قطعية ثبوتاً ودلالة، فشغب… فقلت له: أقول هل يمكن أن يختلف القطعي على أهل العقول أم لا يمكن؟
الجواب: لا يوجد! إذن هذه إشكالية منهجية خطيرة جداً.
قلت له:- سؤال أخير وسهل، طيب هل فهمك القطعي أم شحرور أم الجابري أم ..إلخ؛ لأن لكل وجهة لم تتفق هذه العقول على منهجية ولا على منتوجها إذن إلى من نتحاكم!!
والمشكلة أن بعضهم يخطيء بعضاً فلن يرضى عنك الشحرور ولا السرّاق الشحارير إن اتبعت الجابري أو الطرابيشي أو رية، بل السراق الشحارير لا يرضون إن اتبعت شحرور … لن يرضوا حتى تتبع ملتهم هناك فقط أنت مفكر أو مفركش على الأصح … وكل يقول فهمي هو القطعي الذي ظلت عنه الأمة
أي عواء وخواء هذا؟!!
أ.د. فضل مراد
أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر