ممّا تعبتُ في البحث عن دليل له
أنّ ولد الرقيق رقيق، ويتبع أمّه في الرّق
حتى ولو كان أبوه حرًا وتزوج أمّة فهو منتج للرقيق المملوكين، فكل نطفة له مملوكة، مع أنهم قالوا: أن السيّد لو وطئها فحملت فهي حرّة على اختلاف وولدها حر.
هذا مع تشوّف الإسلام للحريّة، فكيف يكون أبوهم حراً وهم رقيق؟!
ما هو الدليل والحجة في هذا الأصل،
مع أنّ الله خلق الإنسان حراً مكرماً؟
ولا يجوز الانتقال عن هذا الأصل القطعي إلا بقاطع، وجميع أحاديث أمهات الأولاد المانع لبيعهن لا تخلو من علّة قادحة جداً لا تقوم معها حجة.
وممّا يدلّ على حريّة ولد الأمة أن رسول -الله صلى الله عليه وسلم- ولدت له مارية إبراهيم، ولا شك أنّه كان حراً وأما أمه مارية فلم يصح حديث في أنه أعتقها ولدها، فتبقى على أصل الرق
فهذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يبين رسول الله للناس
الفرق بين السيّد وغيره في حرية الولد، ولم ينقل عنه حرف في ذلك.
ومن فرّق فعليه بالدليل الثابت الصحيحة، أما أن يقال أن أمه رقيقة فالولد كالنماء، فهو رقيق، ويجعل هذا أصلا قاضياً على أصل الحريّة الإنسانية والإكرام الثابت بالقطع فهي إحدى الكبر.
وهكذا كتاب الرقيق ما أعسره وأشد الاختلاف فيه.
وقد نصحني شيخي العلامة الإمام المجتهد زيدان -رحمه الله- لمّا وصلت في بدائع الصنائع إلى باب أحكام الرقيق بتجاوزه سوى نظرات..
وانظر كيف حصل الاختلاف في الجمعة والجماعة، وفي زكاة العبد، وهل يملك؟
وبيعه، وشراؤه، وولايته، وشهادته وهكذا القول بأنه ليس له سوى تطليقتين، ليس عليه دليل لا من كتاب ولا سنة صحيحة،
وكذا لا يحل له سوى زوجتين، وهذا إن صح عن عمر -رضي الله عنه- فلعله نظر إلى أن الغالب عدم قدرته الماليّة، لكن لم يثبت مرفوعاً، وعمومات القرآن والسنن تشمله.
أما في علم الأصول في باب قياس الشبه
فترى البعض يمثل بالعبد هل نلحقه بالحيوان والبهائم أم ببني آدم
في حال الجناية، ويا للعجب! ما الذي أخرجه من العمومات القاضية بجنايته حتى ندخله في اطار البهائم؟!
والحاصل أن هذا الباب مختلف مضطرب إلا قليلاً، وقد راجعت مدوّنات السنن والآثار وفتاوى الصحابة والتابعين في هذا الباب قدر جهدي، فوجدت كتلاً من الفتاوى والاختلاف من لدن الصحابة فمن بعدهم، ناهيك عن المذاهب المتأخره.
والله المستعان
أ.د. فضل مراد
– أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
– أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر.