Dr.Fadil

السلطة المجتمعية الكبرى

أ.د فضل مراد

0

 

السلطة المجتمعية الكبرى:

ومن أكبر قواعد الشريعة قاعدة «العادة محكمة»، وهي إحدى القواعد الكبرى التي تدور عليها الشريعة.

وهذه قاعدة مجتمعية هامة، فكل العادات والأعراف المجتمعية الصحيحة مُحكَّمة شرعا إذا لم تناقض المأمورات والمنهيات التكليفية الصريحة الصحيحة.

وشرط اعتبار العادة أن تكون عامة مستمرة موافقة للمشروع.

وشُرِعَ موافقة العادات؛ مراعاةً لعدم الفُرْقة والنُّفرة.

وهذا أمر معتبر في الشرع؛ ولذا قال الفقهاء في مخالف العادات الصحيحة إنه مخروم المروءة، وهي جزء من العدالة في بعض الأمور كالرواية للحديث والشهادة.

فالعادة المشروعة الفاضلة يمكن تعريفها أنها: إلزام مجتمعي على الفضيلة.

فهي -إذا- من الوسائل في نشر مقصود الشريعة والتمسك بها، فوافقت خدمة الشرع في بناء المجتمع، فشرعت.

ولما كان الإلزام القضائي متعذرا في البناء المجتمعي؛ لاحتياجه إلى رقابة شاملة على مكونات المجتمع، كانت العادة واقعا هي القضاء المجتمعي الملزم برقابة شاملة من عموم المجتمع لبعضه، فالعادة المجتمعية هي السلطة القضائية المجتمعية بلا كلفة مالية ولا رسمية، فاعتمدها الإسلام سلطة يرجع إليها، وجَعَلَها حَكَمَاً، وقَعَّدَ الفقهاء لها أصلا هو «العادة مُحَكَّمَة».

ولأن العادات الشريفة الفاضلة الحسنة من مكارم الأخلاق.

والشرع من مقاصده رعاية الأخلاق وحفظها وتتميمها «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

ولورود الأمر بالعرف «وأمر بالعرف» (الأعراف:199)، وللأمر بالمعاشرة على وفقه «وعاشروهن بالمعروف» (النساء:19)، «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» (البقرة:228).

ولأن الفضائل معتبرة والعادات ملزمة بها، فكانت وسيلة للخير تأخذ حكم المشروعية، ولأن العادات الحسنة تطلبها العقول والفطرة السليمة وتقرها الشريعة، ولو كانت في مجتمع جاهلي.

وأثنى عليها شرعاً «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا».

«وقال أسلمت على ما سلف من الخير»..

 

فقه المجتمع المدني والقبيلة .. المقدمة في فقه العصر

أ.د. فضل_مراد

أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.