Dr.Fadil

التخطيط العمراني

أ.د فضل مراد

0

 

التخطيط العمراني:

والتخطيط العمراني للمدن والسكن من المصالح العامة، والشريعة جاءت لرعايتها، وهي من الإحسان المأمور به في قوله تعالى «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (البقرة:195)، ولأن التخطيط يعتبر قياما من ولاة الأمر بحق المواطنين لأن ذلك من مقتضيات العقد لما فيه من المصلحة العامة والتيسير لهم ولمعايشهم وهو داخل في النصح للأمة، وقد ذمّ الشرع من شق على الأمة وفي ترك التخطيط والإحسان فيه إشقاق ظاهر على الأمة.

ويكون في المدن وجوبا التخطيط لوسائل دفع الأضرار من مقالب القمامات ومجاري مياه الصرف بحيث تبعد وجوبا من السكن؛ لعظم ضررها إن لم يفعل بها ذلك، وهو فساد «والله لا يحب الفساد» (البقرة:205).

والطريق العام ملك عام، وتكون سعة الشوارع بحسب عموم نفعها؛ فلا يتخذ في داخل الحي الصغير شوارع عظيمةَ السعة لا يبرر وجودها لمصلحة حالية أو مآلية؛ لأن هذا من العبث، والشريعة تنهي عنه.

ولأن تصرفات الحاكم منوطة بالمصلحة العامة ولا مصلحة هنا.

بل يجعل لكل شارع سعة بقدر عموم نفعه، بلا زيادة فاحشة ولا تقصير مفسد.

 

والمرور في الطرقات مقيد بسلامة العاقبة.

فمن مر بسيارته فضربت حجرا فحصل إتلاف به ضمن، هذا في الأصل؛ لأن الأموال والأنفس محترمة، وحقك المباح في العبور لا يطغى على حق غيرك في السلامة.

ولكل بيت حق يسمى «حريم الدار» يستعمل لمنافع الدار كالوقوف أمام منزله بلا ضرر.

ولا يرمي المخلفات على باب بيته فيؤذي الناس، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من آذى.

ولا يرميها في شارع عام، ولا خاص؛ فكل ذلك داخل في الإيذاء للمجتمع «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» (الأحزاب:58).

بل يضعها في مكان أعد لها؛ لأنه يدفع بذلك مفسدة الضرر والأذى.

ومن ارتفع بيته عن بيت غيره؛ فلا يحل له النظر من نحو نافذة إلى دار غيره المكشوف، بل يسترها بستارة، ولا يجب سدها نهائيا؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار.

ومن بنى بناءً أحاطه حال البناء؛ لئلا تقع الأضرار على المارة، أو يؤذي الناس.

ولا يحفر في الطريق العام إلا بإذن مصرح مع وضع إشارات السلامة والتحويط، وإلا ضمن ما يتلف بوقوع في الحفرة.

وشرطنا الإذن للحفر؛ لأن الطريق العام لمنفعة العامة، ومدة حفره ضرر عام، فلا بد من الإذن من الجهة المسئولة العامة؛ لأنها نائبة عن المسلمين في مصالحهم.

فإن لم توجد اكتفى بالإذن العرفي ولا يتمادى في الضرر؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها، فإن تمادى أثِم وإن أتلف ضمن.

وتبنى المتنفسات والحدائق والنوادي الفكرية والثقافية والرياضية؛ وهي من الأمور المباحات والتحسينات.

والشريعة ترعى الأمور التحسينية والجمالية والله يحب الجمال.

 

فقه المجتمع المدني والقبيلة .. المقدمة في فقه العصر

أ.د. فضل_مراد

أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.