أحكام الدخول للبيوت:
ومن دخل بيت غيره استأذن وأعلم بنحو تنحنح أو حركة ثم دخل وسلم إن أذن له «يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون» (النور:27)، «فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة» (النور:61).
وهذا النص الأخير فيه الأمر بالسلام عند دخول أي بيت، فيشمل بيت الشخص أو غيره، والنص قبله أمر عند دخول بيوت الغير بالاستئناس والسلام.
والاستئناس تنبيه لمن في البيت لرفع المفاجأة والثاني السلام المشروع.
ولا يوجد قانون على وجه الأرض ينظم هذا التنظيم الاجتماعي في شأن البيوت إلا ما ورد في هذه النصوص من لدن حكيم خبير.
ويمنع النظر حال الاستئذان لدخول بيت الغير؛ لورود الحديث في ذلك «إنما جعل الاستئذان من أجل البصر».
ومن نظر من شق أو ثقب في الباب أو الجوار بلا إذن فقد أثم لورود النهي «وقد هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختل الرجل الفاعل ذلك بمشاقص كانت في يده».
وقال «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه».
ومن طرق باباً طرقه من جانبه الساتر حتى لا يسبق النظر حال الفتح، وقد ورد في ذلك حديث صحيح.
ويطرق ثلاثا للنص، وإن كان لا يميز الثلاث حال كونه ضاربا بالجرس؛ فإنه يقايس الأمور عرفا بتوسط غير خارج إلى الفجاجة والإيذاء.
فإن أذن له بالدخول وإلا رجع، لقوله تعالى «وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم» (النور:28).
ولا يتذمرْ؛ لأنه عبد مكلف بالأمر الإلهي في الآية بالرجوع، وهو من سبل تزكيته عند ربه بالنص في الآية.
ويجلسُ حيث أذن له إن دخل؛ لأنه في ملك غيره؛ فلا يتصرف فيه إلا بإذن ملفوظ أو عرفٍ.
ولا يُجْلَس على مكرمة الرجل صاحب البيت إلا بإذنه للنص.
ولا يصلي فرضا في بيته إلا بإذنه، فإن كانت جماعة فالأولى أن تكون بإمامة رب المنزل كما ورد في النص.
وإن كان في البيت منكر قطعي من الكبائر، أنكر قطعا في الأصل؛ فإن كان غير قطعي؛ لاحتمال دلالات النصوص، واختلاف فهوم العلماء فيه، فلا عليه أن ينكر، ويجوز بالتي هي أحسن.
وإن دخل فرأى حسنا قال (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) كما ورد في الآية «ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله» (الكهف:39).
والمجالس بالأمانة؛ فلا يفشي سرا، ولا ينقل خبرا موغرا للضغينة.
ولا بد في المجالس من ذكر الله، وورد ما يدل على وجوبه في نصوص كثيرة.
فقه المجتمع المدني والقبيلة .. المقدمة في فقه العصر
أ.د. فضل_مراد
أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر