Dr.Fadil

صيد الشحارير (١)   

أ.د فضل مراد

0

 

كنّا نظن أنّ الكفار بالحديث عندهم إشكاليات معينة، من حيث “الورود، والدلالة”، فتبيّن لنا أنهم يكفرون به حتى لو سمعوه مباشرة من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فلو قال له:”صلّ مثلما رأيتني أصلي”، سيقول له: “قولك، وفعلك ليس ديناً”!

 

وإذا قال له: ” خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم”.

قال له: “ومن أعطاك الحق في أن نأخذ عنك”.!

 

ولو قال له:” لا تَذْبَحُوا- في الأضاحي- إِلاَّ مُسِنَّةً”.

قال له: “لا طاعة لك”.!

ولو قال له:” لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يداً بيد “.

 

قال: “البيع ممارسة بشرية، لا شأن لك بها”!

ولو قال له: “الزكاة في الذهب ربع العشر”.

قال له: ” هذا ليس في القرآن ولا حق لك في التشريع، مثلي مثلك وأنت تكذب على الله أن قولك من الدين”.!

 

والأمثلة كثيرة، هل هذا يكون مسلماً، حتى أبا جهل لم يقل هذا ولا مسيلمة الكذاب قال هذا؛ لأنهم أهل لغة ولسان، وعقل، يعلمون أن دخول الاسلام ملزم طاعة قول النبي-عليه الصلاة والسلام-؛ لأن العقل يقضي به فكيف يصدقون محمداً أن القرآن من عند الله ويكذبونه في أن قوله تشريع من عند الله، ثنائية منطقية يفهمها العقلاء؛ ولأن أهل اللسان العربي وهم “الصحابة” فهموا أن طاعة قوله -صلى الله عليه وسلم- وفعله دين أذن الله به، ولم يختلفوا مثقال ذرة، والقرآن نزل بلغتهم وأقرهم الله على هذا الفهم وعملت به أمة التوحيد إلى يومنا، فلا بالعقل عمل هؤلاء، ولا باللغة، ولا بالتواتر العملي، والقولي في حجيّة السنة، من زمن الصحابة حتى يومنا هذا،

نحن مع فرق من الزنادقة يدّعون الإسلام ويقولون “الكفر” ومنهم طائفة لديهم دياثة فكرية، تجدهم يصلون كما صلى النبي، ثم ينكرون حجيّة قوله وفعله حتى لو كان مباشرة، فهذه دياثة فكرية

لا هو التزم بقاعدة الانكار ولو سمعها مباشرة، ولا التزم بأن الرسول يوحى إليه غير القرآن بدليل الصلاة التي يصليها، فالذي لا يصلى كما صلى النبي ولا يحج كما حج التزم بقاعدته، فهو أقعد من الديوث الفكري في الكفر، وقد وجدت من هؤلاء قال لي أنه لا يصلي كما صلى محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه غير ملزم إلا بالقرآن!

 

قلت له:- أنت إحترمت كفرك، وأنت أفضل في الإلتزام بالقاعدة الكفرية من الديوث الفكري الذي يصلي كمحمد وينكر السنة.

 

ومن رأيتموه يصلي وهو يقول: “لو سمع من النبي مباشرة فلا حجة فيه”، فهي كصلاة الذي صلى مع قادة المشترك في صورة انتشرت في النت يوم كان ناطقا للحوثي، وهو مشهور بأبو شرائح وبوسيم وقد جاهر بردته صراحة حينما سنحت له الفرصة في الغرب.

 

وأقول جاهر؛ لأنه كان مرتداً من زمن بعيد أخبرني بنفسه يوم كان ناطقاً للحوثي ونحن على الطائرة عائداً من الدوحة بعد مناظرته في الاتجاه المعاكس، فهؤلاء يصلون مع الذين آمنوا

لكن كما قال الله تعالى واصفًا حال حامل الشرائح: (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أنْ يَأْمَنُوكم ويَأْمَنُوا قَوْمَهم كُلَّما رُدُّوا إلى الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها)[النساء: 91]

 

أي بمجرد انتقاله إلى أرض الكفر يفتن في دينه، بل يركس فيه ركسا، وهناك طائفة من شريحة الديوث الفكري الذي يصلي كما صلى النبي، ثم ينكر سنته ولو قابله مباشرة ليسوا مبطنين للكفر، بل أغبياء قتلهم السفه العقلي فأحب التشبه ليقال عنه كافر مفكر، ومنهم من عنده شبهة من جهة النقل ولا يقول بالقالة الكفرية أنه لو سمعها من محمد فليست حجة، فهذا نوعان:-

 

• منهم مستح أن يكون من الطائفة الأولى والحياء شعبة من الإيمان، فتستغل هذه النقطة فيه لمراجعته، بالتواصل الهادئ الأخوي معه وقد جربت فوجدت منهم تجاوباً وبذرة دين.

 

• والنوع الثاني:

شباب عاطلون عن الفكر الديني الذي يحصن أمام الشبهات، ولم يجدوا رعاية وتعليماً وبياناً حكيماً رحيماً، بل واجههم الناس بالإغلاظ، والتعنيف، والتجريح، وهذا خلاف السنة في الدعوة، والواجب أمام هؤلاء “الرعاية والنصح والبناء الفكري” لتحصين الجيل أمام بحار الشبهات والأهواء والشهوات.

وفق الله الجميع لمرضاته.

 

أ.د. فضل_مراد

أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.