Dr.Fadil

حين يستدل من لا فهم له…

أ. د. فضل مراد

0

حين يستدل من لا فهم له…

 

أ. د. فضل مراد

 

من بدع أهل الكلام التي اِنتقلت للعلوم الإسلاميّة تقسيم الخبر إلى “تواتر، وآحاد” مفيد القطع والظن ثبوتًا ودلالة، وليس للتواتر عدد متفق عليه، بل الأقوال في ما هو المتواتر بلغت حد التواتر.

 

وليس في علوم الإسلام سوى ما يفيد العمل فقط، سواء اليقين أو غلبته؛ لذلك عبر القرآن بالظن مقام العلم والعكس

( {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ..)

(إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ)

وهذا ما تفيده القواميس ولسان العرب، وإنما يتوقف في الظن إن عارض اليقين؛ لأنّه هوى حينئذ (إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ).

 

لذلك كان بعض الظن إثم (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )وليس كل ظن، فإن الظن معتبر في العادات، والشرائع، والعلوم، فتقطع الرقاب في القصاص بشهادة اثنين، ويصح النّكاح بشهادة اثنين، وتملك الأموال الكبيرة بشهادة اثنين، ويكفي اثنان للصوم والإفطار في رمضان، وشوال، واثنان للوقوف بعرفة يشهدان على الهلال، ويكفي في إثبات النسب واحدة تشهد على الولادة وهكذا..إلخ

 

ومن المضحكات أني رأيتُ بعض من لا فهم له قد يستدل على تكذيب السنة بآية

 

(إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ)

 

وهي هنا تتكلم عن قريش قطعاً؛ لأنّها تخاطبهم، فيكون المعنى أنّ قريشاً تتبع أخبار الآحاد من السنة وتترك القرآن

فكان كفار قريش على هذا من أهل الحديث يقسمون السنة لآحاد وغير آحاد…

 

والآية نزلت تذمهم؛ لأنهم محدثون يتبعون الآحاد!

كما أن الظن في الآية لو جارينا هذا الخبل، يشمل ظني الدلالة في القرآن نفسه، فتكون الآية ناهية عن إتباع ظني الدلالة في القرآن نفسه،

 

لهذا كله صارت دلالة الآية على الكفر بالسنة الآحادية ظنية لا قطعية، فوقع النوكى فيما لا يفقهوه ولا يفهموه.

 

أ.د. فضل_مراد

أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.