من مسائل العصر في الزكاة وحكم دفع الرواتب من الزكاة وكم يعطى الفقير من الزكاة؟
أ.د فضل مراد
من مسائل العصر المتعلقة بالفقير والمسكين في الزكاة.
مشهورات مسائل الباب:
تزويج الفقراء وتعليمهم وعلاجهم وبناء مساكن لهم من الزكاة وبناء مستشفيات، أو مشاريع مياه ، أو مشروع أفران الخبز ونحوها.
والأصل الحاكم لهذه المسائل هو: قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) إلى آخر الآيات.
فهذه الآيات نص في إعطاء هذه الأصناف الثمانية الزكاة.
وأما صفة الإعطاء فهي ما تسمى (إيتاء) في العرف والله أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في أكثر من ثلاثين موضعا، فما صح أنه إيتاء فهو الفرض.
فمن أعطيته نقدا أو شاة من الزكاة أو إبلا أو بقرا أو حبوبا أو أعطيته من زكاة التجارة من عين التجارة فكسيته وولده أو رأيته بحاجة لمسكن فبنيت له مسكنا من الزكاة
أو أعطيت لابن السبيل تذاكر طيران وحجزت له فندقا بما يؤيه، أو بنيت مساكن للنازحين الفقراء، أو أخرجت ذلك في بناء مدارس مع رواتب للمدرسين من مصرف في سبيل الله على قول المجيز وهو ما أختاره، أو دفعت فكاك أسير أو دفعت دية عن سجين فأطلقت سراحه.
كل هذا يشمله ويؤتون الزكاة
ولا أعلم ما يمنع ذلك من كتاب ولا سنة.
ويتنازع هذه المسألة من جهة النظر الفقهي:
النظر في اللام في قوله تعالى للفقراء، هل هي للتمليك، ودعوى أنها لغير التمليك بعد لأن اللام للعاقل الأصل فيها ذلك.
ومع هذا فإن التمليك يرجع النظر فيه إلى ما صدقه، ما هو التمليك؟ وهل الصور السابقة تسمى تمليكا.
ولا دليل على إخراج تلك الصور من حد التمليك.
ولا حد للتمليك سوى تصرفات العرف، والعرف متغير.
وانظر إلى القبض فإنه اختلف في زمننا اختلافا بينا ولو طبقنا تلك الصور القديمة على هذا العصر لأبطلنا جل المعاملات البنكية.
وقد يكون بعض التمليك أقوى من بعض وأنفع فبناء مسكن للفقير أقوى من تسليمه مبلغا من الزكاة لا يدوم معه، وشراء سيارة له ليعمل بها أو مصنع أو بقالة كل هذا من إيتاء الزكاة ومثله بناء مدارس لتعليم الفقير والمسكين خاصة.
والتعليم في عصرنا صار مقابل المال العظيم، فتخصيص جزء من الزكاة لتعليم الفقراء والمساكين مصلحة أعظم وأقوى من مجرد دفعها إليهم.
ولا حد لإعطاء الفقير والمسكين ومن ادعى ذلك لزمه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة.
وتقييد النصوص بلا دليل لا يلتفت إليه . وقد ذهب مالك والحنابلة وقول للشافعي أنه يعطى ما يكفيه سنته وقال الشافعي دهره وقال الظاهرية لا حد لما يعطى للفقير ، وقد كان عمر يعطي ويأمر بالإغناء وانظر إلى الآثار الصحيحة التي أوردها أبو عبيد في ذلك وإني أخشى أن يأثم بعض المفتين في التقييد والتحديد بما لا دليل له فيضيعوا بفتاواهم بلا حجة مقاصد الشرع في الزكاة .
أ.د. فضل مراد
المقرر العام للجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد
أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة جامعة قطر