أصول ثمانية:-
– الأصل الأول: المهاجرون والأنصار هم المؤمنون حقاً.
– الأصل الثاني: جميع هؤلاء بعضهم أولياء بعض.
– الأصل الثالث: جميع من آمن بعدهم وهاجر وجاهد معهم فهو من المهاجرين والأنصار في الحكم بالنص (فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) فهم المؤمنون حقاً وهم أولياء لهم وهم صحابة.
الدليل قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَاّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (73).
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ ».
– الأصل الرابع: بهذه الآيات القاطعة تبيّن أنّ الصحابة أولهم وآخرهم مهاجرهم وأنصاريهم ومن أسلم وتأخر إسلامه بعد ذلك وهاجر وجاهد معهم فهو من الصحابة في الاسم والفضل، واستحقاق اسم الإيمان الحق واستحقاق الجنة والمغفرة واستحقاق الموالاة. بدلالة النص (فَأُولئِكَ مِنْكُمْ).
– الأصل الخامس: من أخرج أحداً من الصحابة من الإيمان فهو مناقض لهذه النصوص مكذب لخبر الله الذي لا يتغير ولا يتبدل.
– الأصل السادس: من حصر الولاية في أحد الصحابة أو طائفة دون غيرهم فهو مناقض لهذه النصوص، وكل حديث ناقض هذا فلا يصح أو حرّف فهمه إن صح.
– الأصل السابع: ليس في القرآن ولا في السنة مصطلح (موالاة المؤمنين) بمعنى السلطة والحكم أبدا.
فمن ادعى ذلك فهو كاذب على القرآن والسنة ولسانهما.
– الأصل الثامن: نتائج تخصيص الولاية لفرد أو فئة دون عموم الصحابة والمؤمنين وخيمة سمّاها الله في الآية ( فتنة في الأرض وفساد كبير).
وعليه:-
فمن لم يوال جميع الصحابة وجميع المؤمنين بلا استثناء فقد أخل بأصل عظيم ويتحمل نتائج ذلك أمام الله؛ لإخلاله بالأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي والمجتمعي الداخلي والإقليمي:
وهو ما عبر النص عنه في نفس الآيات: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (73)).
إنها الفتنة والفساد الكبير في الأرض، وهو ما عانت منه الأمة وتعاني إلى هذه اللحظة، والفساد الكبير في الأرض أمر خطير جدا.
يتنوع بين الحروب الطائفية والأهلية وبين استغلال الكتل الكبرى الدولية لذلك
فيعيثون فينا فسادا أرضا وإنساناً.
وهو ما لفت النص إليه لنتأمل العواقب والأخطار الداهمة القريبة، حين ذكر الذين كفروا مطلع الآية.
___________
استنباط :
لعل ما حصل بين الصحابة
من الفتنة وتبعاتها وحصل الخلاف بينهم وتشظت الموالاة فلم تكن من جميعهم لجميعهم
تشير إليه الآية:- (إِلَاّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (73)).
وهذا دليل أن سنة الله ماضية لا تحابي أحدا ومع هذا فإن الفتنة بين المؤمنين لا ترفع عنهم الإيمان كما تدل عليه آيات سورة الحجرات.
أ.د. فضل_مراد
أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر