خير القرون …لماذا؟ الجزء 2
تحقيق تفسير خير القرون وإثبات أن القرن مئة عام، وإدخال أهل القرن الرابع في ذلك الفضل والاستدلال على ذلك:
أ.د. فضل بن عبد الله مراد
رئيس منصة الإفتاء اليمنية
أستاذ الفقه وقضاياه المعاصرة مؤسس مشروع فقه العصر
هذا الجزء الثاني من مقال خير القرون.
وفيه تحقيق لما ذهبنا إليه وبيان حججه الواضحات، كما أن فيه ردا على العلامة الألباني الذي ادعى أن لفظة خير القرون من محدثات الدعاة ونقلها عنه البعض بدون عزو خلافا للأمانة العلمية.
فأقول:
أولا: لفظة قرن من لها معان في اللغة فهي من المشترك والمشترك يعلم معناه بالسياق ونحوه. فقرن الثور وقرن الرأس وقرون الشعر غير القرن العدد من السنين، أو أهل زمن معين.
فإن لم يعلم من السياق نظر إلى الأكثر أو مرجح.
ثانيا: ولفظ القرن في الحديث قرني ثم الذين يلونهم، فيها قولان مركزيان الأول أنه عدد معين فقرن بمعنى زمن بعدد معين، ثم اختلفوا في ذلك من عشرين إلى مئة وعشرين.
وأطبق على هذا النقل أعني أن المعنى زمن معين من السنين أهل اللغة في عموم كتبهم وأهل التفسير وأهل الحديث وأهل الغريب ولا يكاد يخلو من هذا النقل كتاب.
أما المعنى الثاني: فهو بمعنى أهل زمن معين وهذا أيضا منقول في كثير من كتب اللغة، وهو بمعنى الأمة من الناس وقد جاء هذا القول بعد السابق في كثرة النقل، وعند التحقيق هو راجع إلى الأول لأن أهل قرن بمعنى أهل زمن أو أهل وقت أو أمة القرن أي أهله، فالسؤال هنا كم مقدار ما اضيف إليه الأهل فعاد الأمر إلى المعنى السابق لضبطه.
ثالثا: الراجح من الأقوال هو أن القرن بالسنين مئة عام تزيد قليلا أو تنقص قليلا لأن عادة العرب جبر الكسر وهذا يجعل قول من قال مئة وعشرين صحيحا. وهو أعلى ما قيل وسيأتي بيانه.
رابعا: الدليل على أن القرن مئة عام من المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح
وما عضده من قول الصحابة والتابعين أهل اللسان
فقد أخرج الطبري « تاريخ الطبري» (1/ 395):
فقال «حدّثني إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، قال: حدَّثنا يحيى بن صالح، عن الحسن بن أيوب الحضرميّ، قال: حدَّثنا عبد الله بن بُسْر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لتدركنّ قرنًا”، فعاش مئة سنة»
قلت: هذا حديث حسن صحيح. وهو في مسند أحمد من طريق الحسن وهو حسن الحديث وغيره وله طرق أخرى عند غيره وإنما قلنا حسن صحيح لأنه بهذا السند حسن وبما له من طرق أخرى يكون صحيحا.
وقد ذكره الضياء في المختارة وصححه البوصيري وغيرهما وذكره الوادعي في الصحيح مما ليس في الصحيحين والألباني في الصحيحة.
قلت: فهذا نص في محل النزاع.
خامسا: استدل بهذا الحديث على أن القرن مئة سنة عامة أهل الحديث وهو اختيار ثعلب من كبار أئمة اللغة وكذا غلام ثعلب وهو ما صححه في القاموس
جاء في «تاج العروس من جواهر القاموس» (35/ 530):
«وفي فتح الباري: اختلفوا في تحديد مدة القرن من عشرة إلى مائة وعشرين لكن لم أر من صرح بالتسعين ولا بمائة وعشرة، وما عدا ذلك فقد قال به قائل. (والأول من القولين الأخيرين (أصح.
وقال ثعلب: هو الاختيار (لقوله، صلى الله عليه وسلم لغلام بعد أن مسح رأسه: ((عش قرنا) ، فعاش مائة سنة..»
قال
ابن عطية: «تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» (3/ 445):
واختلف الناس في القرن، فقال ابن سيرين: عن النبي عليه السلام أربعون، وقيل غير هذا مما هو قريب منه، وقال عبد الله بن أبي أوفى القرن مائة وعشرون سنة، وقالت طائفة القرن مائة سنة، وهذا هو الأصح الذي يعضده الحديث في قوله عليه السلام «خير الناس قرني» ، وروى محمد بن القاسم في ختنه عبد الله بن بسر، قال وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي، وقال سيعيش هذا الغلام قرنا قلت: كم القرن؟ قال مائة سنة، قال محمد بن القاسم، فما زلنا نعد له حتى أكمل مائة سنة ومات رحمه الله انتهى.
قال ابن حجر: «فتح الباري» لابن حجر (7/ 5 ط السلفية):
«وقد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ما يدل على أن القرن مائة وهو المشهور، وقال صاحب المطالع: القرن أمة هلكت فلم يبق منهم أحد، وثبت المائة في حديث عبد الله بن بسر وهي ما عند أكثر أهل العراق،»
سادسا: قال أبو داود: المجددون على رأس مئة سنة وهو القرن
قال أبو دادود «أول كتاب الملاحم باب ما يذكر في قرن المائة» «سنن أبي داود» (4/ 178 ط مع عون المعبود): 4291 – حدثنا سليمان بن داود المهري ، نا ابن وهب ، أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة ، عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل. صحيح انتهى ففسر مئة سنة بالقرن. وهو مذهب الحفاظ من أهل الحديث استنادا للحديث السابق.
سابعا: ثبت النقل عن الصحابة والتابعين في أن القرن مئة سنة كما في حديث عبد الله بن بسر فإنه عد مئة سنة، كما في الروايات، فيدل أنه متقرر عندهم، وكذلك التابعي الراوي عنه أنهم عدوا له ذلك فدل على ماقلنا، كما ثبت أن القرن مئة وعشرون من أخرجه الطبري وغيره عن ابن عبد الله بن ابي أوفى. ذكر ذلك الطبري ولا تناقض بين مئة ومئة وعشرين ثم اطلعت على قول الحافظ: «فتح الباري» لابن حجر (7/ 6 ط السلفية):
«وآخر من مات من الصحابة مائة سنة وعشرون سنة أو دونها أو فوقها بقليل على الاختلاف في وفاة أبي الطفيل، وإن اعتبر ذلك من بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فيكون مائة سنة أو تسعين أو سبعا وتسعين،» وهذا يؤكد ما قلنا من جبر الكسر.
قلت: وثبت القول بمئة وعشرين عن أحد ثقات التابعين زرارة بن أوفى ولا أطيل بتخريجه فهو مخرج في الكثير من المصادر قال في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 27):
«ابن سلمة، عن أبي محمد، عن زرارة بن أوفى، قال: القرن مائة وعشرون سنة.»
قال في «فتح الباري» لابن حجر (5/ 161 ط السلفية):
«قوله: (عن زرارة بن أوفى) ..وهو من ثقات التابعين، كان قاضي البصرة، وليس له في البخاري إلا أحاديث يسيرة.»
وبقية الاقوال لا دليل عليها بين. وأما ما نقل عن ابن سيرين أن ذلك 40 عاما فلا يصح عنه في سنده عمره بن شاكر متكلم فيه روى نسخة غير محفوظة كما قال ابن عدي، وفي اللسان احتمال الحمل على غيره والله أعلم، ومن اختار الثمانين قال لأنه الغالب من أعمار الامة للحديث، قلت لكن يبقى بعدها الكثير وهم من القرن بلا شك. فلا وجه لإخراجهم فهذا ترجيح لا وجه له، أما من قال عشرون فأرى أن وجهه أن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم عشرين عاما، فحمل ذلك عليه وفيه ضعف. وعامة الأقوال الأخرى لا حجة لها.
سابعا: مما يعضد ما ذكرنا أن ابن عمر في حديث المئة سنة فسر ذلك بانخرام القرن
ومعناه موت كافة أهل القرن… فهذا كالنص على ذلك.
قال الامام البخاري «صحيح البخاري» (1/ 216):
« حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني سالم بن عبد الله بن عمر، وأبو بكر بن أبي حثمة:
أن عبد الله بن عمر قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم، قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة، لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد). فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث، عن مائة سنة، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض). يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن.»
وقال مسلم: «صحيح مسلم» (7/ 186): 217 – (2537) حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد ، قال محمد بن رافع: حدثنا، وقال عبد: أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، أخبرني سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان أن عبد الله بن
قال: « صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام فقال: أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد. قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد – يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن ».
قلت: فقوله ينخرم ذلك القرن معناه أهل ذلك القرن ولفظة القرن هي المئة سنة في نفس الحديث التي تحدث بها النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا يؤكد ما بينا أن تفسير القرن بأهله يحوج إلى تفسير لفظة القرن كذلك.
ثامنا: دخول القرن الرابع اتباع اتباع التابعين في الفضل:
أخرج الإمام مسلم في نفس كتاب الفضائل في أوله قبل حديث قرني ثم الذين يلونهم
ما يدل على دخول أهل الطبقة الرابعة في الفضل فقال الإمام مسلم «صحيح مسلم» (7/ 184): 209 – (2532) حدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال: زعم أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يأتي على الناس زمان يبعث منهم البعث فيقولون: انظروا هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل فيفتح لهم به، ثم يبعث البعث الثاني فيقولون: هل فيهم من رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيفتح لهم به، ثم يبعث البعث الثالث فيقال: انظروا هل ترون فيهم من رأى من رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ ثم يكون البعث الرابع فيقال: انظروا هل ترون فيهم أحدا رأى من رأى أحدا رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل فيفتح لهم به ».
ثم اتبعه مسلم برواية الباب عن ابن مسعود «صحيح مسلم» (4/ 1962 ت عبد الباقي):
«210 – (2533) حدثنا قتيبة بن سعيد وهناد بن السري. قالا: حدثنا أبو الأحوص عن منصور، عن إبراهيم بن يزيد، عن عبيدة السلماني، عن عبد الله. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير أمتي القرن الذين يلوني. ثم الذين يلونهم. ثم الذين يلونهم. ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته”
قلت: ففي هذا الحديث الذي هو أصل الباب ثلاثة قرون بعد قرنه.
ثم أتبه بالشك في الرابعة ليوضح أن ما قدمه من الجزم في الرابعة هو الاصح ليرفع الاشكال كما هو معروف من منهجه عند من مارسه
وقد خبرنا كتاب مسلم حفظا واستظهارا وفقها بشرح النووي وغيره كاملا سندا ومتنا ورجالا وعللا مدة سبعة أعوام بفضل الله.
فمن مارس صحيح مسلم علم منهجه، قال «صحيح مسلم» (4/ 1963 ت عبد الباقي):
«212 – (2533) وحدثني الحسن بن علي الحلواني. حدثنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خير الناس قرني. ثم الذين يلونهم. ثم الذين يلونهم” فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال “ثم يتخلف من بعدهم خلف. تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته”.»
فهذه الرواية ترفعها ما قدمه مسلم من الدلائل على الطبقة الرابعة
ثم أورد حديث مئة سنة في نفس الموضع وكلام ابن عمر ليدلل أن القرن المقصود مئة عام
وهذا من دقيق علمه.
قلت: ودخول الطبقة الرابعة هو ما أرجحه لما مر من الدلائل وهو ما رجحه ابن حبان قال ابن تيميه: «مجموع الفتاوى» (20/ 294):
«وهذه الأعصار الثلاثة هي أعصار القرون الثلاثة المفضلة؛ التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من وجوه: {خير القرون القرن الذي بعثت فيهم؛ ثم الذين يلونهم؛ ثم الذين يلونهم} فذكر ابن حبان بعد قرنه قرنين بلا نزاع وفي بعض الأحاديث الشك في القرن الثالث بعد قرنه وقد روي في بعضها بالجزم بإثبات القرن الثالث بعد قرنه فتكون أربعة. وقد جزم بذلك ابن حبان البستي ونحوه من علماء أهل الحديث في طبقات هذه الأمة فإن هذه الزيادة ثابتة في الصحيح. »
تاسعا: إضافة الخيرية إلى القرن لا إلى الناس والأمة ونحو ذلك ثابتة وقد وهم العلامة الالباني فادعى أن لفظ خير القرون لا أصل لها وأنها شاذة
وأنها مما أحدثه الدعاء أو اشتهر عندهم
أقول: إضافة الخيرية إلى القرن جاءت هذه اللفظ في السنة الصحيحة:
فعند البخاري جاءت بحذف الالف واللام فقط وأضافت الخيرية إلى القرن لا الناس ولا الامة
«صحيح البخاري» (3/ 1305):
«عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بعثت من خير قرون بني آدم، قرنا فقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه).»
وهو في «مسند أحمد» (15/ 229 ط الرسالة):
«9392 – حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري (2)، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” بعثت في خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه»
أما اتهامه للدعاة فهذا كثير في كلامه عن الدعاء غفر الله له.
وقوله مردود بل استعمل الحفاظ من القرون المفضلة إلى زماننا كلمة خير القرون في الأبواب وفي نقل الحديث بل حتى المنذري لما اختصر مسلما وقد حققه الالباني بوب فقال: «مختصر صحيح مسلم للمنذري ت الألباني» (2/ 464):
فكأنه لم يطلع على ما حققه هو: بل الجوزقاني الذي جمع بين الصحيحين في القرن الثالث بوب هذا التبويب وهكذا تواتر عن أئمة الإسلام وشراح البخاري حتى قال ابن بطال: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (6/ 155):
«- باب إثم من لا يفى بالنذر/ 67 – فيه: عمران، رضى الله عنه، قال النبى صلى الله عليه وسلم : (خير القرون قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجىء قوم ينذرون ولا يفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السمن) .»
ونفس هذا قاله شارح البخاري ابن الملقن وابن حجر والقسطلاني وقاله ابن تيمية فيما لا يحصى من كلامه فمن ذلك قوله: «منهاج السنة النبوية» (2/ 79):
كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ; حيث قال: ” «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» ” انتهى وقال في الفتاوى.
«والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله صلى الله عليه وسلم: خير القرون قرني، وهو في الصحيحين،»
وقال الحافظ«التلخيص الحبير» (4/ 490 ط العلمية):
«وهو متفق عليه من حديث عمران بن حصين بلفظ: “خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي من بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون … “، الحديث1.»
وقال القسطلاني في «إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري» (10/ 175):
«والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله صلى الله عليه وسلم المروي في الصحيحين “خير القرون قرني انتهى.
قلت وهذه اللفظة متواترة عن المحدثين والحفاظ والفقهاء والأصولين وجهابذة الامة
وليست من محدثات الدعاة كما قال الشيخ الالباني متهما لهم بذلك.
وأختم بقول ابن القطان في «الإقناع في مسائل الإجماع» (1/ 58 ت الصعيدي):
ذكر الصحابة رضوان عليهم وأجمعوا على أن خير القرون: قرن الصحابة ثم الذين يلونهم انتهى.
فهذه اللفظة ليست معاصرة ولا محدثة على ألسنة الدعاة.
عاشرا: قلت بل وردت لفظ خير القرون مسندة صحيحة متصلة قال الإمام الجصاص:
«حدثنا عبد الرحمن بن سيما قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثلاث أو أربع ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته”. قال: وكان أصحابنا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صبيان. وإنما حمل السلف ومن قال من فقهاء الأمصار مما وصفنا أمر» انظر «أحكام القرآن للجصاص ط العلمية» (1/ 615) ولم يطلع عليه الالباني. قلت وهذا سند غاية في الصحة.
أ.د. فضل بن عبد الله مراد.